وفى سنة إحدى وأربعين، انقضت عمارة سور زبيد وجدّدت أبوابها الثمانية، وزخرفت شراريفها.
وفى سنة اثنتين وأربعين، توجه المجاهد إلى مكة للحجّ فى عسكر كثير، وفى خدمته الشريف ثقبة، ابن صاحب مكة رميثة بن أبى نمىّ، فلما بلغ يلملم، تصدّق بصدقة طائلة من الدراهم والثياب، وسقى الناس السّويق والسكر، وسبّل ذلك لعائلة الناس.
وأتاه فى يلملم، الشريف رميثة فى وجوه أصحابه، فأعطاه من النقد أربعين ألف درهم جددا مجاهدية، ومن الكسوة والطّيب شيئا كثيرا، وأعطاه عدّة من الخيل والبغال كوامل العدد والآلات، وخلع عليه وعلى من معه، ثم سار إلى مكة، فدخلها عشاء ليلة الأربعاء ثانى ذى الحجة، فطاف وسعى، ودخل البيت بعد سعيه، ثم خلع على أميرى الحاجّ المصرىّ والشامىّ، بعد حضورهما إليه، وبات بمنى ليلة التاسع حتى أصبح، ثم سار إلى عرفة، وحضر صلاة الإمام فى يوم عرفة، ثم سار إلى الموقف، فوقف عند الصّخرات، وأفاض من منى إلى مكة، فى يوم الجمعة حادى عشر الحجة، ثم عاد إلى منى، فأقام بها إلى الرابع عشر، وودّع البيت بالطّواف فى هذا اليوم وسافر فى سابع عشر الحجة، وهو متغير الخاطر على بنى حسن، لكونهم لم يمكنوه من كسوة الكعبة، وتركيب باب عليها فيما قيل. وبلغ منازله سالما.
وفى سنة ست وأربعين، استولى المجاهد على جميع جبل سورق. وفى سنة ثمان وأربعين، عصى أهل الشّوافى، فخرج لهم المجاهد فى جيش كثيف، فاستولى على البلاد جميعها، وقتل وكحل وغرّق جماعة من العصاة.
وفى سنة إحدى وخمسين وسبعمائة، توجه المجاهد لمكة حاجّا، ولما دخلها، كان معه ثقبة بن رميثة، وأخواه سند ومغامس، فلم يسهل ذلك بأخيهم عجلان، وكان أمير مكة، قد طرد عنها إخوته المذكورين، فأغرى المصريين بالمجاهد، وقال لهم: إنه يريد أن يكسو الكعبة، ويولّى مكة غيرى، ويغيّر منازلكم، فقبلوا قوله، لأن المجاهد لم يلتفت إليهم، ولم يكن من أمراء المصريين سوى الأمير طاز، فلما كان يوم النّفر الأول، ركب أمير الحاج ومن انضم إليه، وتلاهم الطمّاعة، وكان غافلا عنهم، وفى قلّة من غلمانه، ففر إلى جبل بمنى، ونهبت محطّته عن آخرها، وراسلوه فى الحضور إليهم، فحضر بأمان إليهم، واحتفظوا به مع الكرامة، وساروا به معهم إلى مصر، وأحضروه عند صاحبها الملك الناصر حسن بن الناصر محمد بن قلاوون، فأكرمه وأحسن إليه، وأمره بالمسير إلى