بلاده، فسار حتى بلغ الدّهناء من وادى ينبع، ثم جاء أمره بردّ المجاهد، وإنفاذه إلى الكرك واعتقاله به، وكان سبب ذلك، أن المجاهد فيما قيل، لم يحسن معاشرة الأمير المسفّر فى خدمته، وأنه قال للمسفّر، لما سأله عما يعطيه له من بلاده: أعطيك حافة منيح فسأل المسفّر عنها بعض من كان معه من غلمان المجاهد، فقال له: إنها موضع الجذمان بتعزّ، فتأثّر لذلك خاطره، ونقل ذلك عنه وغيره إلى الدولة بمصر، والمجاهد لا يشعر بذلك، فكتبوا للمسفّر معه بردّه. واعتقاله بالكرك، وما زال بها حتى شفع فيه الأمير بيغاروس، فأطلق وتوجّه لمصر، وتوجه منها إلى بلاده، على طريق عيذاب وسواكن، وخرج من البحر إلى ساحل الحادث، فى سادس الحجة سنة اثنتين وخمسين، وتلقّاه العسكر، وضبطت والدته بعد عودها من مكة له البلاد، فلم يفته منها إلا بلاد بعدان، ثم حطّ المجاهد عليهم فى سنة أربع وخمسين، فلم يظفر بهم، وفاتت من بعده من الملوك، ومنع المجاهد التجار من السفر إلى مكة، حنقا على عجلان.
وفى سنة خمس وخمسين، جهّز المجاهد هدية لمصر، مع الطواشى جوهر الرّضوانى، فغرق والهدّية عند جبل الزّقر.
وفى سنة ست وخمسين، قويت شوكة العرب المفسدين فى التهائم، فخرب لذلك قرى كثيرة من أعمال زبيد، واشتدّ فسادهم فى سنة سبع وخمسين.
وفى سابع شعبان من سنة تسع وخمسين، قصدت القرشيّون والمعازبة، نخل وادى زبيد، فاقتسموه بعد نهبهم لمن كان فيه من أهله، وارتفعت أيدى أصحاب النخل عن أملاكهم، وتملكوه العرب المفسدون.
وفى سنة ستين، كانت خيول العرب المفسدين، من المعازبة والقرشيين، تدور حول مدينة زبيد.
وفيها نوى نور الدين محمد بن ميكائيل العصيان على المجاهد، وكان إليه الأمر فى بعض البلاد الشامية.
وفى سنة إحدى وستين، أظهر ابن ميكائيل ما نواه من العصيان، واستدعى الأشراف من صعدة وغيرهم، وصار أمره مستفحلا.
وفى سنة ثلاث وستين، عصى على المجاهد ابناه: الصّالح والعادل.
وفيها تسلطن ابن ميكائيل، فضربت السّكة باسمه، وخطب له فى حرض والمحالب والمهجم، وذلك فى صفر من هذه السنة، واستمرت سلطنته سنتين.