للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على أن الذى فعل عمرو حيلة وخديعة لا يعبأ بها، وكانت مصر مرّة يستولى عليها أصحاب على، ومرة يستولى عليها أصحاب معاوية، وقد ندم على التخلف عن على رضى الله عنه فى حروبه، غير واحد من كبار السّلّف، كما روى من وجوه، عن حبيب بن أبى ثابت، عن ابن عمر، أنه قال: ما آسى على شيء إلا أنى لم أقاتل مع أهلى مع علىّ أهل الفئة الباغية.

قال الشّعبى: ما مات مسروق، حتى تاب إلى الله تعالى عن تخلّفه عن القتال مع على. قال ابن عبد البر: ولهذه الأخبار طرق صحاح، ذكرناها فى موضعها، قال: وكان علىّ رضى الله عنه يسير فى الفيئ سيرة أبى بكر الصديق رضى الله عنه فى القسم، وإذا ورد عليه مال، لم يبق منه شيئا، إلا قسمه، ولا يترك فى بيت المال منه إلا ما يعجز عن قسمته فى يومه. ويقول: يا دنيا غرّى غيرى. ولم يكن يستأثر من الفئ بشئ، ولا يخصّ به حميما ولا قريبا، ولا يخص بالولايات إلّا أهل الديانات.

وروى بسنده عن مجمّع التميمى، أن عليا رضى الله عنه، قسم ما فى بيت المال بين المسلمين، ثم أمر به فكنس، وصلّى فيه، ورجاء أن يشهد له يوم القيامة.

روى بسنده عن عاصم بن كليب عن أبيه، قال: قدم على علىّ رضى الله عنه، مال من أصبهان، فقسمه سبعة أقسام، ووجد فيه رغيفا، فقسمه سبع كسر، وجعل على كل جزء كسرة، ثم أقرع بينهم، أيّهم يعطى أولا. وثبت عن ابنه الحسن بن على بن أبى طالب من وجوه، أنه قال: لم يترك إلا ثمانمائة درهم، أو سبعمائة درهم، فضلت من عطائه، كان يعدّها لخادم كان يشتريها لأهله. وروى عن عبد الله بن الهذيل قال: رأيت عليا رضى الله عنه، يخرج وعليه قميص غليظ، إذا مدّ كُمّ قميصه بلغ الظفر، وإذا أرسله صار إلى نصف السّاعد.

وروى عن الحسن بن [ ...... ] (٧) عن أبيه قال: رأيت علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه، يخرج من مسجد الكوفة، وعليه قطريتّان، متّزرا بالواحدة، متردّيا بالأخرى، وإزاره إلى نصف السّاق، وهو يطوف بالأسواق، وبيده الدّرّة، يأمرهم بتقوى الله تعالى، وصدق الحديث، وحسن البيع، والوفاء بالكيل والميزان. انتهى.

ولعلىّ رضى الله عنه فى الزهد، والتقشّف فى المعيشة، والمواعظ البليغة لعمّاله، والأجوبة النفيسة عن مشكلات المسائل، أخبار كثيرة مشهورة. ومن كلامه رضى الله


(٧) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>