للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأصله من بغداد، صحب سهل بن عبد الله والجنيد، ومن فى طبقتهما من البغداديين، وأقام بمكة مجاورا، ومات بها، وكان من أروع المشايخ وأحسنهم حالا.

قال أبو عبد الله محمد بن خفيف: سمعت أبا الحسن المزين بمكة يقول: كنت فى بادية تبوك، فتقدمت إلى بئر لأستقى منها، فزلقت رجلى، فوقعت فى جوف البئر، فرأيت فى البئر زاوية واسعة، فأصلحت موضعا وجلست عليه، فقلت: إن كان منّى شيئا، لا أفسد الماء على الناس، فطابت نفسى وسكن قلبى، فبينا أنا قاعد، إذا بخشخشة، فتأملت فإذا بأفعى ينزل، فراجعت نفسى، فإذا هى ساكنة، فنزل ودار بى، وأنا هادى السر لا يضطرب علىّ، ثم لفّ بى ذنبه، وأخرجنى من البئر، وحلّ عنى ذنبه، فلا أدرى، أرض ابتلعته أو سماء رفعته، وقمت ومشيت.

وقيل: إنه رئى يوما متفكرا، ثم اغرورقت عيناه، فقيل له: ما لك أيها الشيخ! فقال: ذكرت أيام تقطعّى فى إرادتى، وقطعى المنازل يوما فيوما، وخدمتى أولئك السّادة من أصحابى، وتذكرت ما أنا فيه من الفترة عن شريف تلك الأحوال، وأنشأ يقول [من البسيط] (١):

منازل كنت تهواها وتألفها ... أيّام أنت على الأيام منصور

وقال جعفر الخلدىّ: ودّعت المزيّن الصوفى، فقلت: زودنى شيئا. فقال: إن ضاع منك شئ، أو أردت أن يجمع الله بينك وبين إنسان، فقل: يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه، إن الله لا يخلف الميعاد، اجمع بينى وبين كذا، فإن الله تعالى يجمع بينك وبين ذلك الشئ، أو ذلك الإنسان، فما دعوت بها فى شيء إلا استجيب.

وقال أبو بكر الرزاى: سمعت أبا الحسن المزّين يقول: «الذنب ـ بعد الذنب ـ عقوبة الذنب، والحسنة ـ بعد الحسنة ـ ثواب الحسنة» (٢).

وقال: متى ما ظهرت الآخرة، فنيت فيها الدنيا، ومتى ظهر ذكر الله تعالى، فنيت فيه الدنيا والآخرة، فإذا تحقّقت الأذكار، فنى العبد وذكره، وبقى المذكور بصفاته (٣).

وقال: الطريق إلى الله تعالى بعدد النجوم، وأنا مفتقر إلى طريق الله عزوجل، فلا أجد (٤).


(١) البيت فى طبقات الصوفية للسلمى ١٣/ ٣٨٤.
(٢) انظر: (الرسالة القشيرية ٣٥).
(٣) طبقات السلمى ١٣/ ٣٨٢.
(٤) انظر: الموضع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>