للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل فى سبب تلقيبه بذلك غير ما سبق، وذلك أن عمر رضى الله عنه لما ولّى قال: كان يقال لأبى بكر رضى الله عنه، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف يقال لى خليفة خليفة رسول اللهصلى الله عليه وسلم، هذا يطول، فقال له المغيرة بن شعبة رضى الله عنه: أنت أميرنا ونحن المؤمنون، فأنت أمير المؤمنين، قال: فذلك إذا. ذكر الزبير بن بكار.

وهو أول من كتب: من عبد الله أمير المؤمنين، وهو أول من جمع الناس لصلاة التراويح، وهو أول من ردّ مقام إبراهيم إلى مكانه اليوم، لّما غيّره عنه السّيل، وهو أول من وسّع المسجد الحرام.

ثم قبضه الله تعالى إليه سعيدا شهيدا، وكان رضى الله عنه يسأل الله الشهادة، وثب عليه أبو لؤلؤة المجوسى، مولى المغيرة بن شعبة، وقد دخل المسجد لصلاة الصبح، فطعنه بخنجر فى بطنه، وقيل إنه ضربه بسكين مسمومة ذات طرفين، ست ضربات فى كبده، وفى خاصرته، وقد أحرم لصلاة الصبح، وجال أبو لؤلؤة الملعون فى مسجد النبىّصلى الله عليه وسلم، فقتل سبعة نفر، وجرح جماعة، فأخذ عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه، بساطا رماه عليه وقبضه، فلما رأى أنه قد أخذ، قتل نفسه، وحمل عمر رضى الله عنه إلى منزله، ودخل الناس يسلّمون عليه ويثنون، وهو يقول: ليت أنى نجوت كفافا، وأمر رضى الله عنه بالاقتصاد فى تجهيزه، وأن يدفن فى بيت عائشة رضى الله عنها بإذنها، فسمحت لهبذلك، ثم مات بعد يوم وليلة، وغسّله رضى الله عنه، ابنه عبد الله، على سرير رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلى عليه فى مسجده، وأمّ بالناس عليه صهيب، فكبّر أربعا، ودفن فى بيت عائشة رضى الله عنها، وكان قتل أبى لؤلؤة لعمر رضى الله عنه، على ما قال ابن عبد البر، لثلاث ليال بقين من ذى الحجة، سنة ثلاث وعشرين من الهجرة، هكذا قال الواقدىّ وغيره. وقال الربيع: لأربع بقين من ذى الحجة، وكانت خلافته رضى الله عنه عشر سنين ونصفا، وناحت عليه الجنّ، قبل أن يقتل بثلاث، على ما رويناه عن عبادة بهذه الأبيات [من الطويل]:

أبعد قتيل بالمدينة أظلمت ... له الأرض تهتزّ العضاه بأسؤق

جزى الله خيرا من إمام وباركت ... يد الله فى ذاك الأديم الممزّق

فمن يسع أو يركب جناحى نعامة ... ليدرك ما قدّمت بالأمس يسبق

قضيت أمورا ثم غادرت بعدها ... بوائق من أكمامها لم تفتّق

وما كنت أخشى أن تكون وفاته ... بكفّى سبنتى أزرق العين مطرق

وثناء السلف على عمر رضى الله عنه لا يحصى كثرة، فمن ذلك ما رويناه عن ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>