مسعود رضى الله عنه، قال: لو وضع علم أحياء العرب فى كفّة، ووضع فى الكفة الأخرى علم عمر رضى الله عنه، لرجح علم عمر رضى الله عنه، ولقد كان ذهب بتسعة أعشار العلم، ولمجلس كنت أجلس مع عمر رضى الله عنه، أوثق فى نفسى من عمل سنة.
وقال علىّ رضى الله عنه: خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو بكر وعمر رضى الله عنهما. وقال علىّ رضى الله عنه أيضا، بحضرة الناس، حين وضع عمر رضى الله عنه على سريره، والناس يدعون ويصلون عليه: والله ما خلفت أحدا أحبّ إلىّ أن ألقى الله عزوجل بمثل عمله منك، وترحّم عليه علىّ رضى الله عنه.
وقال طلحة بن عبيد الله: كان عمر رضى الله عنه، أزهدنا فى الدنيا، وأرغبنا فى الآخرة. وقال سعد ابن أبى وقاص رضى الله عنه: علمت بأىّ شيء فضلنا عمر رضى الله عنه، كان أزهدنا فى الدنيا.
وعن معاوية رضى الله عنه قال: أما أبو بكر رضى الله عنه، فلم يرد الدنيا ولم ترده، وأمّا عمر رضى الله عنه، فأرادته الدنيا ولم يردها، وأما عثمان رضى الله عنه، فأصاب منها، وأما نحن فركبناها ظهرا لبطن. انتهى.
ومن مناقب عمر رضى الله عنه: أن العناصر الأربعة أطاعته، على ما قيل، وهى الأرض والريح والنار والماء.
فأمّا الأرض، فلأنها كانت تزلزلت، فضربها برجله فقال: أتتحركين وأنا عليك! فسكنت.
وأما الريح، فإنه خطب يوم جمعة ـ وكان فى ذلك اليوم وتلك الساعة قتال فى نهاوند ـ فصاح عمر: يا سارية، الجبل الجبل، فحملت الريح صوته إلى أمير الجيش سارية بن زنيم، فسمع صوت عمر، فالتجأ إلى جبل بالقرب منهم، وقد كاد يغلبوهم، فلما ارتفعوا، حصل النصر.
وأما الماء، فذكر عبد الرحمن بن عبد الحكم، أن المسلمين لما فتحوا مصر، جاء أهلها إلى عمرو بن العاص رضى الله عنه، وقالوا: أيها الأمير إنّ لبلدنا سنّة لا يجرى النيل إلا بها، وذلك أنه إذا كان لاثنتى عشرة ليلة من شهر بؤونة، عمدنا إلى جارية بكر، فأرضينا أباها، وجعلنا عليها من الحلىّ والحلل والثياب أفضل ما يكون، فألقيناها فى النيل ليجرى، فقال لهم عمرو رضى الله عنه: إن هذا لا يكون فى الإسلام، فأقاموا