للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأعمالها، واستناب بها ابن أخيه أسد الدين محمد بن الأمير بدر الدين حسن، ثم سلم إليه الأمير نجم الدين أحمد بن زكى، براش، لما اضطرب أمره، حين حاصره فيها نور الدين.

فلما كان سنة تسع وعشرين وستمائة، دعا نور الدين إلى نفسه، وأمره بالخطبة له والسّكّة، وقيل إن ذلك كان فى سنة ثلاثين.

وفى سنة إحدى وثلاثين، بعث إلى الخليفة المستنصر العباسى، والد الخليفة المستعصم أبى أحمد عبد الله، خاتمة خلفاء بنى العباس، الذى يترّحم عليه خطباء اليمن على منابرهم، هدية عظيمة وسأله أن يقلده بلاد اليمن، ويكتب له بذلك، ويرسل به إليه تقليدا وخلعة، فعاد إليه الجواب، بأن التشريف والتقليد، يصل إليه فى عرفة، فخرج من اليمن على النّجب يريد الحج، فحجّ، فلم يصله شئ، ورجع إلى اليمن، وهو متغير من راجح بن قتادة، لكونه لم يواجهه لما حج وفر منه.

ولما وصل إلى اليمن، وصله ما طلبه من الخليفة، فى سنة اثنتين وثلاثين فى البحر على طريق البصرة، مع رجل يقال له معالى، والسلطان نور الدين فى الجند، فصعد الرسول المنبر، وقال: يا نور الدين! الديوان السعيد يقريك السّلام، ويقول: قد تصدّقنا عليك باليمن، وألبسه الخلعة على المنبر.

ولم يزل نور الدين يستزيد فى الولايات، حتى ملك من عدن إلى عيذاب، وكان المقوّى له على طلب السلطنة، إشارات من صاحبى عواجة، الشيخ البجلى والفقيه الحكمىّ، ومنامات رآها، منها المنام الذى أشرنا إليه، وجرى بينه وبين الملك الكامل، والد الملك المسعود حروب بسبب مكة، وجرى ذلك بينه وبين الملك الصالح، بن الملك الكامل أخى الملك المسعود.

وأوّل ملكه لمكة، فى سنة تسع وعشرين وستمائة، وذلك أنه بعث فى هذه السنة إلى مكة، أميرا يقال له ابن عبدان، مع الشريف راجح بن قتادة، وبعث معهما خزانة كبيرة، فنزلوا الأبطح وحصروا الأمير الذى بمكة من جهة الملك الكامل، وكان يقال له ظغتكين، وأرسل الشريف راجح بن قتادة إلى من مع طغتكين، وذكرهم إحسان نور الدين إليهم، أيام ولايته على مكة، نيابة عن الملك المسعود، فمال إليه رؤساؤهم، فلما أحسن بذلك طغتكين، هرب إلى ينبع، وعرف الملك الكامل الخبر، فجهز جيشا كثيفا


(٢) خدد: حصن فى مخلاف جعفر باليمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>