هذا ما علمته من حروب قتادة مع أهل المدينة، وقد سبق فى ترجمة ابنه حسن بن قتادة، أن أباه قتادة فى سنة موته، جمع جموعا كثيرة، وسار عن مكة إلى المدينة، ولما نزل بالفرع، سيّر على الجيش أخاه، وابنه حسنا لمرض عرض له، وما عرفت خبر عسكر قتادة هذا مع أهل المدينة، وكان بين قتادة صاحب مكة، وثقيف أهل الطائف، حرب ظهر فيه قتادة على ثقيف، وبلغنى أنه لما ظهر على ثقيف، هرب منه طائفة منهم، وتحصنوا فى حصونهم، فأرسل إليهم قتادة يستدعيهم للحضور إليه، ويؤمنهم، وتوعدهم بالقتل إن لم يحضروا إليه فتشاور ثقيف فى ذلك، ومال أكثرهم إلى الحضور عند قتادة، خيفة أن يهلكهم إذا ظهر عليهم، فحضروا عند قتادة، فقتلهم واستخلف على بلادهم نوابا من قبله، وعضدهم بعبيد له، فلم يبق لأهل الطائف معهم كلمة ولا حرمة، فأعمل أهل الطائف حيلة فى قتل جماعة قتادة، وهى أنهم يدفنون سيوفهم فى مجالسهم، التى جرت عادتهم بالجلوس فيها مع أصحاب قتادة، ويستدعون أصحاب قتادة للحضور إليهم، فإذا حضروا إليهم وثب كل من أهل الطائف بسيفه المدفون، على جليسه من أصحاب قتادة، فيقتله به، فلما فعلوا ذلك، استدعوا أصحاب قتادة إلى الموضع الذى دفنوا فيه سيوفهم، وأوهموهم أن استدعاءهم لهم بسبب كتاب ورد عليهم من قتادة، فحضر إليهم أصحاب قتادة بغير سلاح، لعدم مبالاتهم بأهل الطائف، لما أوقعوا فى قلوبهم من الرعب منهم، فلما اجتمع الفريقان واطمأنت بهم المجالس، وثب كل من أهل الطائف على جليسه، ففتك به، ولم يسلم من أصحاب قتادة إلا واحد، على ما قيل، هرب ووصل إلى قتادة، وقد تخبل عقله لشدة ما رآه من الروع فى أصحابه، وأخبر قتادة بالخبر، فلم يصدقه، وظنه جنّ لما رأى فيه من التخبل، وكان حرب قتادة لأهل الطائف، فى سنة ثلاث عشرة وستمائة، على ما ذكر الميورقى، وذكر أن فى هذه الواقعة، فقد كتاب النبى صلى الله عليه وسلم لأهل الطائف، لما نهب جيش قتادة البلاد، ونص ما ذكره الميورقى فى ذلك، قال: قال لى تميم بن حمدان الثقفى العوفى: قتل أبى رحمه الله، فى نوبة قتل الشريف قتادة لمشايخ ثقيف، بدار بنى يسار، من قرى الطائف، ونهب الجيش البلاد، ففقدنا الكتاب فى جملة ما فقدناه، وهو كان عند أبى، لكونه كان شيخ قبيلته. قال قاضى الطائف يحيى بن عيسى: قتل أبى عيسى رحمه الله فى هذه النوبة، بقرية لقيم، لثلاث عشرة من جمادى سنة ثلاث عشرة وستمائة. انتهى.
وذكر أبو شامة لقتادة أخبارا مذمومة، لأنه قال فى أخبار سنة سبع وستمائة: وقال أبو المظفر: وفى عاشر محرم، وصل حسن الحجاز، من مكة سائقا للحاج، وأخبر بأن قتادة صاحب مكة، قتل المعروف بعبد الله الأسير، ثم وصل كتاب من مرزوق