الطشتدار الأسدى، فى الخامس والعشرين من المحرم، وكان حاجا، يخبر فيه بأن قتادة قتل إمام الحنفية وإمام الشافعية بمكة، ونهب الحاج اليمنيين.
وقال أيضا سنة ثمان وستمائة: فيها نهب الحاج العراقى، وكان حج بالناس من العراق، علاء الدين محمد بن ياقوت، نيابة عن أبيه، ومعه ابن أبى فراس، يثقفه ويدبره، وحج من الشام، الصمصام إسماعيل، أخو سياروج النجمى على حاج دمشق وعلى حاج القدس، الشجاع على بن سلار. وكانت ربيعة خاتون بنت أيوب أخت العادل فى الحج.
فلما كان يوم النحر بمنى بعد رمى الناس الجمرة وثب بعض الإسماعيلية، على رجل شريف من بنى عم قتادة، أشبه الناس به، وظنوه إياه، فقتلوه عند الجمرة، ويقال إن الذى قتله، كان مع أم جلال الدين، وثار عبيد مكة والأشراف، وصعدوا على الجبلين بمنى، وهللوا وكبروا، وضربوا الناس بالحجارة والمقاليع والنّشّاب، ونهبوا الناس يوم العيد والليلة واليوم الثانى، وقتل من الفريقين جماعة، فقال ابن أبى فراس لمحمد بن ياقوت: ارحلوا بنا إلى الزاهر، إلى منزلة الشاميين، فلما حصلت الأثقال على الجمال، حمل قتادة أمير مكة والعبيد، فأخذوا الجميع إلا القليل.
وقال قتادة: ما كان المقصود إلا أنا، والله لا أبقيت من حاج العراق أحدا، وكانت ربيعة خاتون بالزاهر، ومعها ابن السلار، وأخو سياروج، وحاج الشام، فجاء محمد بن ياقوت أمير الحاج العراقى، فدخل خيمة ربيعة خاتون مستجيرا بها، ومعه خاتون أم جلال الدين، فبعثته ربيعة خاتون مع ابن السلار، إلى قتادة تقول له: ما ذنب الناس! قد قتلت القاتل، وجعلت ذلك وسيلة إلى نهب المسلمين، واستحللت الدماء فى الشهر الحرام، فى الحرم، والمال، وقد عرفت من نحن، والله لئن لم تنته، لأفعلن، ولأفعلن.
فجاء إليه ابن السلار، فخوفه وهدده، وقال: ارجع عن هذا، وإلا قصدك الخليفة من العراق ونحن من الشام، فكف عنهم، وطلب مائة ألف دينار، فجمعوا له ثلاثين ألفا من أمير الحاج العراقى، ومن خاتون أم جلال الدين، وأقام الناس ثلاثة أيام حول خيمة ربيعة خاتون، بين قتيل وجريح ومسلوب وجائع وعريان.
وقال قتادة: ما فعل هذا إلا الخليفة، ولئن عاد قرب أحد من بغداد إلى هنا، لأقتلن الجميع. ويقال إنه أخذ من المال والمتاع وغيره، ما قيمته ألفا ألف دينار، وأذن للناس فى الدخول إلى مكة، فدخل الأصحاء الأقوياء، فطافوا وأى طواف. ومعظم الناس ما دخل، ورحلوا إلى المدينة، ودخلوا بغداد على غاية الفقر والذل والهوان، ولم ينتطح فيها عنزان. انتهى.