وقيل إن بنى أمية بايعوا مروان قبلها بتدمر، وقيل بالأردن، وسار مروان من الجابية، قاصدا الضحاك بن قيس الفهرى، وكان بمرج راهط فى الغوطة، ومعه أعراب الشام القيسية، وقد بايعوه لابن الزبير، فتحاربوا، وكان الحرب بينهم سجالا، ثم قتل الضحاك فى ثمانين رجلا من أشراف الشام، وجمع كثير من قيس، لم يقتل منهم مثلهم فى وقعة قط، وذلك فى المحرم سنة خمس وستين من الهجرة، وقيل فى آخر سنة أربع وستين.
واستوسق الأمر بالشام لمروان، وسار إلى مصر فملكها، واستناب عليها ولده عبد العزيز، والد عمر بن عبد العزيز، وأخرج عنها عامل ابن الزبير، فبعث إليه ابن الزبير جيشا مع أخيه مصعب، فجهز له مروان، عمرو بن سعيد الأشدق، ليقاتله قبل دخوله إلى الشام، فالتقيا، فانهزم مصعب.
ولما عاد مروان من مصر، أخذ حسان بن مالك بالرغبة والرهبة، حتى بايع لعبد الملك بن مروان بعد أبيه، ثم عبد العزيز بن مروان، ونقض ما كان عقد من اليبعة لخالد بن يزيد، ثم لعمرو بن سعيد، على ما قيل، وكان مسير مروان إلى مصر وعوده منها، فى سنة خمس وستين، وفيها مات مروان بدمشق.
واختلف فى سبب موته، فقيل مات حتف أنفه، وقيل قتلته زوجته أم خالد بن يزيد، وكان زوجها يضع منه عند أهل الشام.
واختلف فى سبب قتلها له، وفى صفته، فأما السبب، فقيل إن مروان كان استعار من خالد سلاحا إلى مصر، فلما عاد منها، طالبه به خالد، فامتنع مروان من رده، فألح عليه خالد فى طلبه، فقال له مروان، وكان فاحشا: يا ابن الربوخ، يا أهل الشام، إن أم هذا ربوخ، يا ابن الرطبة. وقيل: إن خالدا دخل على مروان وعنده جماعة، فمشى بين الصفين، فقال مروان: إنه والله لأحمق، تعال يا ابن الرطبة الإست، يغض به ليضعه من أعين أهل الشام. وقيل: إن مروان لما عزم على نقض البيعة التى وقعت لخالد من بعده، وأن يبايع لابنيه: عبد الملك وعبد العزيز، دخل عليه خالد وكلمه فى ذلك وأغلظ له، فغضب مروان وقال له: تكلمنى يا ابن الرطبة! فدخل خالد على أمه، فقبّح لها تزوجيها بمروان، وشكى لها ما ناله منه، فأمرته بكتم حاله، ووعدته بكفاية مروان.
فلما دخل عليها مروان، قال لها: هل قال لك خالد فىّ شيئا؟ قالت له: هو أشد تعظيما لك من أن يقول فيك شيئا، وتركته أياما، ثم غطت وجهه وهو نائم بوسادة، وجلست عليها مع جواريها حتى مات. وقيل: إنها أعدت له لبنا مسموما، وسقته