وأبى الكرم المبارك بن الحسن الشّهرزورىّ، وأبى منصور مسعود بن عبد الواحد بن الحصين، وجماعة.
وسمع من أبى الوقت السّجزى «مسند الدارمى» ومن الشريف أبى طالب محمد بن محمد بن أبى زيد النقيب «سنن أبى داود» ومن أبى زرعة المقدسى «سنن النسائى» و «ابن ماجة» و «مسند الشافعى» و «فضائل القرآن» لأبى عبيد، وغير ذلك، على جماعة كثيرين وحدث.
سمع منه جماعة من الحفّاظ والأعيان، منهم: برهان الدين [ ..... ](١) والزكىّ البرزالى، والضياء المقدسى، وابن النجار وذكره فى ذيل «تاريخ بغداد»، وقال: سمعنا منه وبقراءته كثيرا، وكان يقرأ قراءة صحيحة، إلا أنه يدغمها بحيث لا تفهم، ويكتب خطا رديئا جدا، وكان من حفاظ الحديث، العارفين بفنونه، متقنا ضابطا، غزير الفضل، متفنّنا، كثير المحفوظ، ثقة حجة نبيلا، من أعلام الدين، وأئمة المسلمين، وكان يصوم الدهر، ويكثر تلاوة القرآن ليلا ونهارا فى صلاة النافلة، وخرج عن بغداد إلى مكة، وجاور بها نيّفا وعشرين سنة، مديما للصيام والقيام، ويكثر الطواف والعمرة فى حر الهواجر، حتى إنه كان يطوف فى كل يوم وليلة سبعين أسبوعا، وكان يصلى إماما فى مقام الحنابلة بالمسجد الحرام، ويروى الحديث، حتى عجز وضعف، وكان يطوف متكئا على عصا.
سمعت منه شيئا يسيرا ببغداد، ولما حججت فى سنة ست وستمائة حجتى الثانية، أقمت بمكة مجاورا سنة سبع، وقرأت عليه كثيرا، واستفدت منه، وانتخبت عليه، وسألته سؤالات. وكان من العلم والدين بمكان، خرج فى آخر عمره لما اشتد القحط بمكة، مسافرا إلى اليمن، فأدركه الأجل بها. انتهى.
وقد اختلف فى وفاته على أقوال، فقيل: فى ذى القعدة سنة ثمان عشرة وستمائة، حكاه ابن نقطة فى «التقييد» عن أولاد أبى الفرج الحصرى هذا، وقيل فى المحرم سنة تسع عشرة، قاله الضياء المقدسى، وجزم به ابن النجار، والمنذرى، والذهبى فى «طبقات القراء» وقيل فى شهر ربيع الأول، كذا وجدت بخطى فيما علّقته من «تاريخ ابن النجار»، و «تاريخ الإسلام» للذهبى. وقيل فى ربيع الآخر، حكاه المنذرى فى «التكملة» وجزم به ابن مسدىّ، وقال: قد اضطرب فى وفاته، وهذا أصح ما عندى فيها، كذا قال فى «معجمه» ومنه نقلت هذا النسب.