وكانت وفاته بالمهجم من بلاد اليمن وقبره بها معروف يزار، عند الرباط المنسوب إلى الشيخ أبى الغيث. وذكره الخزرجى فى «تاريخه».
وأما مولده، فذكره ابن النجار، أنه سأله عنه، فقال: أخبرنى والدى أنه فى شهر رمضان سنة ست وثلاثين وخمسمائة، وذكره هكذا غير واحد، منهم المنذرى، وذكر أنه كان يقول: إنه من همدان، القبيلة المشهورة، وذكر أنه اشتعل بالأدب، وحصل طرفا حسنا، ومن شعره [من الوافر]:
أطرف العين ما لك لا تنام ... عسى طيف يقرّ به لمام
فتنقع غلّة وتسب لبا ... وتشفى من أضرّ به السقام
تقضّت بالمنى أيام عمرى ... وأخلق جدّتى شهر وعام
ولى أرب لو انّ الدهر يوما ... يقرّ به وينسانى الحمام
لروض ما تصوّح من شبابى ... وأضحى الشّيخ وهو به غلام
أخبرنى المسند ناصر الدين محمد بن محمد بن داود بن حمزة المقدسى، قال: أنبأنا العلامة أبو عمرو عثمان بن محمد بن عثمان التوزرى، عن أبى الحسين يحيى بن على الحافظ، قال: سمعت الشيخ الصالح العارف الزاهد، أبا عبد الله محمد بن لب بن أحمد الأنصارى الأندلسى الشاطبى، صاحب الشيخ أبى الحسن بن الصبّاغ، رضى الله عنهما، يقول: سألت صاحبا لى بمكة شرفها الله، وكان رجلا صالحا من المجاورين، من أهل المغرب: أنت إذا فاتتك الصلاة خلف إمام المقام، تصلّى خلف البرهان؟ يعنى الحافظ أبا الفتوح بن الحصرى، إمام الحنابلة، فقال: قد كنت أتوقف عن ذلك، حتى رأيت فى المنام كأنى على شاطئ نيل مصر، وقد حضرت جنازة، فقال لى من حضر: تقدم فصلّ عليها، فقلت: لا أصلى حتى أعرفه، فكشفوا عن وجهه، فإذا هو البرهان إمام الحنابلة، فقلت: لا أصلى عليه! فبينا نحن كذلك، إذ أقبلت جماعة عليهم نور عظيم، فإذا فيهم النبىصلى الله عليه وسلم وأصحابه حوله، فقال لى صلى الله عليه وسلم: تقدم فصل عليه، فإنه ليس منهم. فصليت عليه. قال: فلما أن رأيت هذا المنام، زال ما كان فى قلبى، وصرت أصلى خلفه. هذا معنى كلام الشيخ الشاطبى، حكاه لى بجامع عمرو بن العاص، رضى الله عنه بمصر، فى ثلاث وثلاثين وستمائة، وعلقت عنه هاهنا من حفظى، والله ولى التوفيق. انتهى.