اشتد بكاؤه، وقال: قد خشيت أن يكون هذا من الشيطان، وقال: عجبا للعالم! كيف تجيبه دواعى قلبه إلى ارتياح الضحك، وقد علم أن له فى القيامة روعات ووقفات وفزعات، ثم غشى عليه.
وقال: لو أن علماءنا عفا الله عنا وعنهم، نصحوا لله فى عباده، فقالوا: يا عباد الله، اسمعوا ما نخبركم عن نبيكم صلى الله عليه وسلم، وصالح سلفكم، من الزهد فى الدنيا، فاعملوا به، ولا تنظروا إلى أعمالنا هذه الفسلة، كانوا قد نصحوا لله فى عباده، ولكنهم يأبون إلا أن يجروا عباد الله إلى فتنتهم، وما هم فيه.
وقيل له: أيجد طعم العبادة من يعصى الله؟ قال: لا، ولا من يهم بالمعصية.
وقال على بن أبى بكر: اشتهى وهيب لبنا، فجاءته خالته به من شاة لآل عيسى بن موسى، فسألها عنه، فأخبرته، فأبى أن يأكله، فقالت له: كل، فأبى، فعاودته وقالت له: إنى أرجو إن أطعته أن يغفر الله لك ـ أى باتباع شهوتى ـ فقال: ما أحب أنى أكلته، وأن الله غفر لى! فقالت: لم؟ فقال: إنى أكره أن أنال مغفرته بمعصيته.
وقال: لو قمت قيام هذه السارية، ما نفعك، حتى تنظر ما يدخل بطنك، حلال أم حرام!
وقال: اتق الله أن تسبّ إبليس فى العلانية، وأنت صديقه فى السر.
وقال بشر بن الحارث: كان وهيب بن الورد، تبين خضرة البقل فى بطنه من الهزال.
قال: وبلغنى أن وهيبا كان إذا أتى بقرصيه، بكى حتى يبلهما.
وقال: من عد كلامه من علمه، قل كلامه.
وقال: اتق أن يكون الله أهون الناظرين إليك.
وقال: نظرنا فى هذا الحديث، فلم نجد شيئا أرق لهذه القلوب، ولا أشد استجلابا للحق، من قراءة القرآن لمن تدبره.
وقال لابن المبارك: غلامك يتجر ببغداد؟ قال: لا يبايعهم، قال: أليس هو ثم؟ فقال له ابن المبارك: فكيف تصنع بمصر وهم إخوان؟ قال: فو الله لا أذوق من طعام مصر أبدا، فلم يذق حتى مات. وكان يتعلل بتمر ونحوه حتى مات.
وقال سفيان: رأى وهيب قوما يضحكون يوم الفطر، فقال: إن كان هؤلاء يقبل منهم صيامهم، فما هذا فعل الشاكرين! . وإن كان هؤلاء لم يتقبل منهم صيامهم، فما هذا فعل الخائفين! .