أو الثلاثاء؟ فحصل الاتفاق على أن الناس يخرجون إلى عرفة فى بكرة يوم الثلاثاء تاسع ذى الحجة، على مقتضى قول من قال: إنه رئى بالاثنين، وأن يقيموا بها ليلة الأربعاء، ويوم الأربعاء، ففعل معظم الناس ذلك، ودفعوا من عرفة بعد الغروب ليلة الخميس إلى المزدلفة، وباتوا بها إلى قرب الفجر، ثم رحلوا إلى منى بعد رحيل المحامل.
والمعهود أنها لا ترحل إلا بعد الفجر، وكذا غالب الناس، ففاتهم الفضيلة. وما تعرض لهم فى سيرهم من عرفة إلى منى أحد بسوء مما علمناه لعناية أمير الحاج لحراستهم، وتعرض الحرامية للحجاج المكيين وغيرهم عند مأزمى عرفة فى توجههم إليها. وحصل للحجاج هؤلاء قتل ونهب وعقر فى جمالهم، وحصل بمنى نهب كثير فى ليلة الأربعاء وليلة الخميس.
ومنها: أن فى سنة ثمان عشرة وثمانمائة: أقام الحجاج بمنى غالب يوم التروية وليلة التاسع، ثم مضوا من منى بعد طلوع الشمس إلى عرفة، وأحيوا هذه السنة بعد إماتتها دهرا طويلا.
ومنها: أن فى سنة أربع وعشرين وثمانمائة: مات كثير من الحجاج بمنى فى ليلة التاسع، ومضوا منها إلى عرفات بعد طلوع الشمس صحبة محمل مصر والشام. والفاعل لذلك: أكثرهم من حجاج مصر والشام، وأحيوا هذه السنة، أثابهم الله.
ومما ينبغى إحياؤه من السنن بمنى: الخطبة بها فى أيام الحج، فالله يثيب الساعى فى ذلك.
ومنها: أنه لم يخطب بمكة ولا فى غيرها لملك أصغر سنا من الملك المظفر أحمد بن الملك المؤيد شيخ؛ لأنه بويع له بالسلطنة بمصر والشام، وله من العمر سنة وثمانية أشهر وسبعة أيام ـ بتقديم السين ـ على ما وجدت فى تاريخ بعض أصحابنا.
وكانت البيعة له: فى ثامن المحرم، سنة أربع وعشرين وثمانمائة، بعد موت أبيه.
واستمر حتى خلع فى السابع والعشرين من شعبان، من السنة المذكورة بدمشق.
ومنها: أن الملك الظاهر أبا الفتح ططر، لم يخطب له بمكة وهو حى، إلا جمعة واحدة؛ لأنه خطب له بمكة فى يوم الجمعة ثانى ذى الحجة أو ثالثه، سنة أربع وعشرين وثمانمائة. ومات فى الرابع من ذى الحجة، من السنة المذكورة.
واستمرت الخطبة له بمكة حتى وصل الخبر بموته فى أثناء شهر ربيع الأول سنة خمس وعشرين وثمانمائة، ولم يتفق ذلك لغيره.