وفى موسم سنة أربع وعشرين وثمانمائة، أبطل الملك الظاهر ططر بعض المكوسات المأخوذة بمكة فى الخضر وغير ذلك من المأكولات وغيرها.
وألزم به أمير مكة الشريف حسن بن عجلان، فوافق على ذلك، وكتب ذلك فى أساطين المسجد الحرام، قبالة باب بنى شيبة وغيره.
ومنها: أن مولانا السلطان الملك الأشرف برسباى ـ نصره الله وأيده ـ انفرد بالخطبة بمكة أشهرا، ولم يخطب معه لصاحب اليمن ولا لغيره من الملوك، وكانت العادة جارية بالخطبة بعده لصاحب اليمن، فترك ذكر صاحب اليمن فى الخطبة بمكة فى أيام الموسم، فى سنة ست وعشرين وثمانمائة إلى جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وثمانمائة.
وفى سابعه: أعيدت الخطبة بمكة لصاحب اليمن المشار إليه، وهو الملك الناصر أحمد ابن الملك الأشرف إسماعيل صاحب اليمن.
وأول ما خطب لمولانا السلطان الملك الأشرف برسباى بمكة فى الثامن والعشرين من جمادى الأولى سنة خمس وعشرين وثمانمائة.
وكانت مبايعته بالسلطنة فى ثامن ربيع الآخر من السنة المذكورة بعد خلع الصالح محمد بن الظاهر ططر.
وكان الصالح ولى بعد أبيه، وله من العمر عشر سنين فيما قيل، وهو والمظفر حيان، وابتدأ مولانا السلطان الملك الأشرف ـ نصر الله دولته الشريفة ـ بشيء حسن، وهو: أنه منع من تقبيل الناس له الأرض بين يديه، تدينا وتعظيما لله سبحانه وتعالى، ولم يتفق ذلك لغيره من ملوك مصر.
وامتاز أيضا ـ نصره الله ـ بغزوه الفرنج فى بلادها بنواحى قبرص وغيرها، وأظفره الله بهم؛ لأن عسكر المنصور أسروا كثيرا من الفرنج، وغنموا من أموالهم طائلا، ووصلوا بذلك إلى مصر فى شوال سنة ثمان وعشرين وثمانمائة. وهابه الفرنج كثيرا، ورغبوا أن يكون لهم من السوء مجيرا، وبعثوا إليه بالهدية ليسعفهم بالأمنية.
ومن مزاياه على ملوك مصر ـ بعد الناصر حسن بن محمد بن قلاوون ـ: أنه أرسل إلى مكة المشرفة عدة عساكر برا وبحرا، واستولوا عليها، ولم يقاومهم أحد من بنى حسن ولا غيرهم. وساروا من مكة حتى قاربوا بلاد حلى، فلم يتعرض لقتالهم أحد من الناس هيبة له. وعادوا إلى مكة المشرفة سالمين. وذلك سنة ثمان وعشرين وثمانمائة.