وكان بعد مطر هائل كأفواه القرب.
ومن العجيب: اتفاق هذين السيلين باعتبار الليلة والشهر بأن كليهما فى ليلة الخميس عاشر جمادى الأولى. فسبحان الفعال لما يريد.
ومنها: فى آخر ذى الحجة سنة خمس وعشرين وثمانمائة سحرا: سيل هائل دخل المسجد الحرام من عدة أبواب، وقارب باب الكعبة المعظمة، وعام فيه بعض المنابر. وألقى فى المسجد الحرام من الأوساخ شيئا عظيما، جمع: فصار أكواما كبيرة، وأخرب فى سور باب المعلاة، جانبا كبيرا بين البابين اللذين فى هذا السور.
ومنها: سيل كان فى ليلة ثالث جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وثمانمائة: دخل المسجد الحرام، وقارب الحجر الأسود، وأخرب جانبا من سور باب الماجن، وموضع الباب فى هذا السور.
وقد خفى علينا أشياء فى هذا المعنى لعدم ظفرنا بتأليف فى ذلك.
وأما أخبار الرخص والغلاء والوباء بمكة: فقد ذكرنا فى أصله أشياء كثيرة من ذلك لا يوجد مثلها مجموعا فى كتاب. ونشير هنا لشيء من ذلك.
فمن أخبار الرخاء: أن القمح المصرى بيع الأردب منه بثمانية عشر درهما كاملية وذلك فى سنة خمس وعشرين وسبعمائة بساحل جدة، على ما ذكر ابن العديسة فيما نقله عنه المؤرخ شمس الدين الجزرى الدمشقى.
ومن ذلك: أن الغرارة المكية من الحنطة ـ المعروفة: باللقيمية ـ بيعت بأربعين درهما كاملية. وهذا أرخص شيء سمعناه فى سعر اللقيمية. وما عرفت متى كان ذلك.
وأرخص ما بيعت به الذرة: الغرارة ثلاثة وثلاثين درهما كاملية وثلث درهم. وربما بيعت بثلاثين درهم كاملية فيما بلغنى. والأول شاهدناه. وبيع المن السمن: باثنى عشر درهما كاملية، وهو اثنى عشر أوقية، كل أوقية رطلان مصريان، ونصف رطل.
والعسل: كل منّ بدرهمين كاملين وهو ثلاثة أرطال مصرية.
واللحم: كل منّ بأربعة مسعودية، وهو سبعة أرطال مصرية، إلا ثلث. ومن أخبار الغلاء بمكة: أن الخبر بمكة بيع ثلاث أواق بدرهم، واللحم بأربعة دراهم الرطل، وكل شربة ماء بثلاثة دراهم. وذلك فى سنة إحدى وخمسين ومائتين.
ومن ذلك: أن الخبر بلغ عشرة أرطال بدينار مغربى. ثم تعذر وجوده وأشرف الحجاج والناس على الهلاك. وذلك سنة سبع وأربعين وأربعمائة.