وارتد جماعة ممن كان أسلم وسألوه أمارة. فأخبرهم بقدوم العير يوم الأربعاء.
فلما كان ذلك اليوم لم يقدموا حتى كادت الشمس أن تغرب، فدعا الله، فحبس الشمس حتى قدموا، كما وصف.
قال ابن إسحاق: ولم تحبس الشمس إلا له ذلك اليوم، وليوشع بن النون.
قال الواقدى: مكث صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين من أول نبوته مستخفيا، ثم أعلن فى الرابعة، فدعى الناس إلى الإسلام عشر سنين، يوافى الموسم كل عام يتبع الحاج إلى منازلهم بعكاظ، ومجنة، وذى المجاز، يدعوهم إلى أن يمنعوه، حتى يبلغ رسالات ربه، فلم يجد أحدا ينصره ولا يجيبه، إلى أن أراد الله عزوجل إظهار دينه، ساقه الله عزوجل إلى هذا الحى من الأنصار ـ وهو لقب إسلامى لنصرتهم النبى صلى الله عليه وسلم، وإنما كانوا يسمون: أولاد قيلة، والأوس، والخزرج ـ فأسلم اثنان، أسعد بن زرارة، وذكوان بن عبد قيس.
فلما كان من العام المقبل فى رجب: أسلم منهم ستة. وقيل: ثمانية. فقال لهم النبىصلى الله عليه وسلم: تمنعون ظهرى حتى أبلغ رسالة ربى. فقالوا: يا رسول الله: إنما كانت بعاث عام الأول يوم من أيامنا، اقتتلنا به، فإن تقدم، ونحن كذا لا يكون لنا عليك اجتماع، فدعنا حتى نرجع إلى عشائرنا لعل الله أن يصلح ذات بيننا، وموعدك الموسم العام المقبل.
فكان أول مسجد قرئ فيه القرآن بالمدينة: مسجد بنى زريق.
فلما كان العام المقبل لقيه اثنى عشر رجلا، وفى الإكليل: أحد عشر. وهى العقبة الأولى، فأسلموا وبايعوا على بيعة النساء وغير ذلك. ولم يفرض يومئذ القتال، ثم انصرفوا إلى المدينة. فأظهر الله الإسلام. وكان أسعد بن زرارة رضى الله عنه يجتمع بالمدينة بمن أسلم.
وكتبت الأوس والخزرج إلى النبى صلى الله عليه وسلم: ابعث إلينا من يقرئنا القرآن، فبعث صلى الله عليه وسلم إليهم مصعب بن عمير.
وقال ابن إسحاق: أرسله معهم، وكان يسمى المقرئ. وهو أول من سمى به.
ثم قدم عليهم عبد الله، ويقال: عامر بن أم مكتوم.
ثم قدم على النبى صلى الله عليه وسلم فى العام المقبل فى ذى الحجة أوسط أيام التشريق منهم سبعون رجلا. وقال ابن سعد: يزيدون رجلا أو رجلين وامرأتان. وقال ابن إسحاق: ثلاثة وسبعون وامرأتان.