وقال الحاكم: خمسة وسبعون نفسا فى نفر من قومهم وهم خمسمائة. فكان أول من ضرب على يده عليه السلام البراء بن معرور رضى الله عنه ويقال: أبو الهيثم رضى الله عنه، ويقال: أسعد بن زرارة، على: أنهم يمنعوه ما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم، وعلى حرب الأحمر والأسود.
فكانت أول آية نزلت فى الإذن بالقتال:(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)[الحج: ٣٩].
وفى الإكليل:(إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ)[التوبة: ١١١]. ونقب عليهم اثنى عشر منهم.
ثم إن النبى صلى الله عليه وسلم أذن لأصحابه فى الهجرة إلى المدينة عند إخوانهم الأنصار. وأقام بمكة ينتظر أن يؤذن له فى الخروج.
ثم ذكر مغلطاى هجرة جماعة من جلة الصحابة رضى الله عنهم إلى المدينة، ثم قال: حتى لم يبق معه، عليه السلام، بمكة إلا على بن أبى طالب، والصديق رضى الله عنهما.
كذا قاله ابن إسحاق وغيره. وفيه نظر لما يأتى بعد.
فلما رأت ذلك قريش اجتمعوا ومعهم إبليس فى صورة شيخ نجدى فى دار الندوة، يتشاورون فيما يصنعون فى أمره، عليه السلام، حين خافوه، فأجمعوا على قتله. فأتاه جبريل. فقال: لا تبت هذه الليلة على فراشك. فأمر عليا رضى الله عنه فنام مكانه، وغطى ببرد أخضر. فكان أول من شرى نفسه، ثم خرج صلى الله عليه وسلم عليهم وقد أخذ الله أبصارهم عنه فلم يره منهم أحد، ونثر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رءوسهم كلهم ترابا كان فى يده.
وأذن الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم فى الهجرة، وأمره جبريل، عليه السلام، أن يستصحب أبا بكر رضى الله عنه واستأجر عبد الله بن الأريقط دليلا وهو على شركه، وعامر بن فهيرة خادما، وذلك بعد العقبة بشهرين وليال.
وقال الحاكم: بثلاثة أشهر أو قريبا منها. وكان مدة مقامه صلى الله عليه وسلم بمكة من حين النبوة إلى ذلك الوقت بضع عشرة سنة. وفى ذلك يقول صرمة:
ثوى فى قريش بضع عشرة حجة ... يذكر لو يلقى صديقا مواتيا
وقال عروة: عشرا. وقال ابن عباس خمسة عشر سنة. وفى رواية عنه: ثلاث عشرة سنة. قال الخوارزمى: ينقص يوما واحدا.