وقد أجزت له مع ذلك أن يروى عنى جميع ما يصح لى روايته من مروى ومصنف بشرطه.
قال: وكتبه العبد المسمى أوله: محمد بن أحمد الوانوغى المالكى، نزيل الحرمين الشريفين بتاريخ ثانى عشر من ذى الحجة الحرام سنة ثلاث عشرة وثمانمائة. انتهى.
وكان حوى كتبا كثيرة ودنيا فيها سعة، بالنسبة إلى مثله فأذهبها بتسليفها لمن لا يتيسر منه كثير خلاص لفقره مع معرفته بحاله، ولكن يحمله على ذلك ما يلتزم له به المتسلف من الربح الكثير، وما حصل له من ذلك إلا اليسير.
واتفق له فى طلب ذلك ما لا يليق بأهل العلم من كثرة التردد للباعة للمطالبة وإعراض بعضهم عنه فى حال طلبه واتفق ذلك له بالحرمين.
وأول قدومه إليها سنة ثمانمائة فحج فيها وعاد إلى مصر، ثم عاد قبيل رمضان من التى بعدها إلى مكة، فجاور وحج فيها.
وسار إلى المدينة، وتوصل منها إلى مصر بعد الحاج بمدة، فى أثناء سنة اثنتين وثمانمائة، وحج فيها، ومضى إلى المدينة واستوطنها. وصار يتردد إلى مكة فى كثير من السنين.
ثم قدم مكة بأهله فى سنة خمس عشرة، فجاور بها نحو أربعة أشهر قبل الموسم وقبل فيها ما يقبله الحجازيون من الفتوح لضيق حاله.
ومضى بعد الحج إلى المدينة وترك أهله بمكة، وصار يتردد إلى المدينة لما يعرض له فيها من الحوائج.
وأدركه الأجل بمكة ـ بعد علة طويلة بالإسهال والاستسقاء ـ فى سحر يوم الجمعة تاسع عشر من شهر ربيع الآخر سنة تسع عشرة وثمانمائة. وصلى عليه بالحرم الشريف عند باب الكعبة، وذهب به إلى المعلاة من باب بنى شيبة.
ودفن بها قريبا من قبر الشيخ أبى الحسن الشولى فى ضحى اليوم المذكور. سامحه الله تعالى. ووجدت بخطه تنبيهات تتعلق بكتب فى المذهب وغيره.
منها: وفى ابتداء قراءتى لعلم النحو ابتدأت قراءة الفقه على الشيخ أبى عبد الله بن عرفة، فقرأت عليه كتاب ابن الجلاب فى أول العام، وكان يكره منا مطالعة شيء من مشروحاته كما كان يكره مطالعة شيء من مشروحات الرسالة عدا شرح القاضى عبد الوهاب.