ويحكى عن الشيخ ابن عبد السلام وغيره من الأشياخ: أنهم لا يعتمدون على شيء من مشروحات الكتابين، ولا على ما ينقلونه، ويقولون: إنه لو لم يثبت عندهم: أن أحدا منهم فى طبقة من يعتمد عليه فى الفهم والنقل. انتهى.
وفى هذا نظر بالنسبة إلى بعض شراح الكتابين، فإن الشيخ شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافى، ممن شرح ابن الجلاب، والشيخ تاج الدين عمر بن على الفاكهانى: ممن شرح الرسالة، وهما بالفضل مشهوران، لا سيما القرافى. ولعل شرحاهما لم يبلغا المغرب فى زمن من قال ذلك، وليس على الرسالة أحسن من شرح الفاكهانى وكثرة فوائده، وقل أن لا يعزوها. والله أعلم.
ومنها: وكان الشيخ ابن عبد السلام يقول: من لا يختم المدونة فى كل سنة لا تحل له الفتوى منها.
ومنها: وكان الشيخ ابن عبد السلام يقول: ينبغى للطالب أن يحترز فى نظر كتاب ابن عطية أكثر من كتاب الزمخشرى، فإن الزمخشرى عدو ظاهر، ينفر الناس من قبول كلامه ببادئ الرأى، فلا يسكن إليه إلا بعد العلم بحاله.
وأما ابن عطية: فالنفس سريعة القبول بكلامه ببادئ الرأى، وفيه كثير من تفاسير المعتزلة ينقلها، ويظن أن ليس فيها شيء وتحتها السم القاتل. انتهى.
ووجدت بخطه فى سؤال يسأل فيه عما نقله ابن عبد الرفيع عن الشيخين أبى عمران الفاسى، وأبى بكر بن عبد الرحمن من انفساخ الإجازة بالبيع الواقع بعدها فى المستأجر ـ بفتح الجيم ـ وعما فى الجواهر لابن شاس من عدم الفسخ فى ذلك ما نصه:
وأما صاحب الجواهر، فالظاهر أن ما لا يقف على نص فيه ويجده منصوصا للشافعية ولا يظهر له مخالفته للمذهب ينقله نصا فى المذهب.
والظاهر: أن أمره فى هذه المسألة كذلك؛ لأنه لو وقف على النص فلا يتركه. وأشياخنا ينقلون عن أشياخهم: أنه ينقل عن الشافعية كثيرا، وأنه لا يبلغ رتبة من يعتمد على فهمه فى المذهب وإن عزاه، ويصرحون بمنع الفتيا والحكم منه، وما لا يعزوه أشد فى ذلك، والله أعلم. انتهى.