وشهامته، وأجاد فى الأوصاف، واعتمد التحقيق والإنصاف، وجاء بما ليس فى طوق غيره من الوطاف، فما لك أيها الفاضل من مساجل ولا مفاضل، ولا منازع، ولا مناضل، لقد وصلت المنازل الوسام، الوافرة الحظوظ فى الفخر والأقسام، كيف لا، وثمر الجنة ليس من سائر الثمر، ولا ينظر السها إلا من سها عن القمر، وإذا ذكر الصالحون فحيهلا عمر، وإن ذكرت المدن والقرى، قلنا: هذه أم القرى، فليس كل الخطب خطبة المنبر، ولا لسائر الأيام كيوم الحج الأكبر، وإذا وصف قطرا من وصفه أو عرفه من عرفه، فقل له: إنما الحج عرفه، والسلام على سيادة من يقف عليه.
قال ذلك وكتبه أبو الفضل محمد بن إبراهيم الإمام المغربى التلمسانى مولدا. كان الله له ولطف به وتاب عليه آمين.
وكتب قاضى مكة وخطيبها ومفتيها وحافظها: جمال الدين أبو حامد محمد بن عبد الله بن ظهيرة القرشى الشافعى على هذا التأليف ما نصه:
الحمد لله الذى منح الفتوحات المكية من كان تقيا، وفتح له أبوابا كانت مغلقة فولجها، وأظهر منها جواهر وحليا، وادخر لمن اختاره من المتأخرين ما عجز عنه كثير من المتقدمين، وكان عليهم خفيا. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، وما كان ربك نسيا.
والصلاة والسلام على خير الخلائق سيدنا محمد الذى ختم الله به الأنبياء، فلم يبعث بعده نبيا، وعلى آل سيدنا محمد الطيبين وأصحابه المنتخبين. صلاة وسلاما يتعاقبان بكرة وعشيا.
أما بعد: فقد وقفت على هذا التأليف العظيم، والتصنيف الذى لم ينسخ على منواله فى الحديث والقديم، فألفيته قد احتوى على أنواع العجائب، واشتمل على الفوائد النفيسة، وجمع أشتات الغرائب، واجتمع لمؤلفه ـ أبقاه الله تعالى ـ فيه ما لم يجتمع لمؤرخ من المفاخر، وأذكرنى قول من قال من أهل الأدب: كم ترك الأول للآخر. وذكرت قول ابن مالك ـ رحمه الله ـ فى خطبه الجميلة. وناهيك بأثر عبد الله فى دقيق العلم وجليله، وإذا كانت العلوم منحا إلهية، ومواهب اختصاصية: فغير مستبعد أن يدخر لبعض المتأخرين ما عسر على كثير من المتقدمين. وكيف لا، ومؤلفه كما قيل:
«ابن جلا وطلاع ثنايا العلا»
فاق أهل زمانه فى الفضائل، وجمع أشتات العلوم ونفائس العقائل، ورحل إلى البلاد