إسحاق بن موسى العباسى عامل اليمن، فارا منها لتغلب إبراهيم بن موسى بن جعفر، ونزل المشاش.
واجتمع العلويون إلى محمد بن جعفر الديباجة، وقالوا: قد رأينا أن تخندق علينا بأعلا مكة.
ثم حشدوا الأعراب، فقاتلهم إسحاق أياما، ثم كره الحرب، وطلب العراق، فلقيه الجند للذين نفذهم: هزيمة، ومعهم الجلودى، وورقاء بن جميل، فقالوا لإسحاق: ارجع معنا، ونحن نكفيك القتال، فرجع معهم.
واجتمع إلى محمد هذا غوغاء أهل مكة، وسودان أهل البادية، والأعراب، فعبأهم ببئر ميمون.
وأقبل ورقاء وإسحاق بن موسى بمن معهما من القواد والجند فالتقوا وقتل جماعة، ثم تحاجزوا، ثم التقوا من الغد، فانهزم محمد وأهل مكة، وطلب محمد الديباجة منهم الأمان، فأجلوه ثلاثا، ثم نزح عن مكة.
ودخلها إسحاق وورقاء فى جمادى الآخرة. وتفرق الطالبيون عن مكة كل قوم ناحية. فأخذ محمد ناحية جده، ثم طلب الجحفة.
فخرج عليه محمد بن حكيم من موالى آل العباس، ومعه عبيد ليدركوه؛ لأن الطالبيين كانوا نهبوا داره، وبالغوا فى أذاه. فلحقه بقرب عسفان، وانتهب جميع ما معه، حتى لم يبق فى وسطه إلا سراويل، وهمّ بقتله، ثم رحمه وطرح عليه ثوبا وعمامة، وأعطاه دريهمات، فمضى وتوصل إلى بلاد جهينة (١) على الساحل، فأقام هناك أشهرا يجمع الجموع.
وكان بينه وبين والى المدينة هارون بن المسيب، وقعات عند الشجرة وغيرها فهزم وفقئت عينه بسهم، وقتل من أصحابه خلق كثيرون، ورد إلى موضعه.
فلما انقضى الموسم طلب الأمان من الجلودى، ومن ورقاء بن جميل، وهو ابن عم الفضل بن سهل، فأمناه، وضمن له ورقاء عن المأمون، وعن الفضل بالأمان. فقبل ذلك.
(١) جهينة: بلفظ التصغير، قرية كبيرة من نواحى الموصل على دجلة، وهى أول منزل لمن يريد بغداد من الموصل، وعندها مرجّ يقال له مرج جهينة. انظر معجم البلدان ٢/ ١٩٤.