بمدينة غرناطة (١)، رحمه الله، يقول: كان بمدينة مرسية رجل من الموثقين، وكان له فى الوقائع فهم عجيب.
فما اتفق، أن إنسانا جاءه، فقال: يا سيدى، ذهب من بيتى ثوب حرير أحمر ـ ويسمونه الجلدى ـ فنظر ساعة، ثم قال له المؤذن: جاركم أخذه، فذهب الرجل إلى المؤذن وكلمه، فحلف له ما أخذه، وأدخله داره، ففتشها فلم يجد شيئا، فرجع الرجل إلى ذلك الفقيه الموثق، فأخبره أن المؤذن حلف له، وأدخله داره وفتشها فلم يجد شيئا، فنظر ذلك الفقيه، ثم قال للرجل: هل رأيت فى بيت المؤذن شيئا من الطعام؟ فقال: نعم، رأيت شيئا من الشعير. فقال: اطلب الثوب فيه، فرجع الرجل فطلب الثوب فى ذلك الشعير، فوجده، فسئل ذلك الفقيه، من أين لك هذا؟ .
فقال: لما أخبرنى بذهاب الثوب، فرأيت ديكا يتطاول بعنقه، فوقع لى أن المؤذن أخذ، فلما أنكر، نظرت فرأيت شخصا فى يده حزمة من سنبلة شعير، وفى وسطها نوار من شقائق النعمان، ففهمت أن الثوب الحرير الأحمر فى وسط الشعير، فكان كذلك. انتهى.
وهذه حكاية عجيبة، لم يسمع فى الفطنة لها بنظير، مع كون الحكايات فى هذا المعنى كثير.
وقال جدى أيضا: وأخبرنى الشيخ الصالح الأصيل، أبو عبد الله محمد بن على ابن قطرال المراكشى قال: أخبرنى الفقيه القاضى بمدينة فاس ـ كلأها الله ـ أبو غالب بن الفقيه القاضى أبى عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن المغيلى: أن والده مرض مرضا شديدا أشفاه، وكان يعالجه رجل يهودى، طبيب حاذق، يعرف بالعنكبوت، قال: فلم يزل يعالجه إلى أن عجز، وقال لأهله: ترفقوا بهذا الرجل ما استطعتم، فإنه ليس فيه طمع.
قال: فأرسلت والدتى رسولا إلى الشيخ أبى عثمان، تعرفه حال الفقيه، وتسأله الدعاء له، أو مثل هذا.
قال: فأرسل الشيخ أبو عثمان بإناء فيه ماء، وقال: اسقوه هذا الماء، قال: فسقوه ذلك الماء، قال: فما هو إلا أن شرب ذلك الماء، رمى من بطنه شيئا أسود لا يدرى ما
٣٢٦ ـ (١) غرناطة ـ وأغرناطة ـ: مدينة بالأندلس بينها وبين وادى آش أربعون ميلا وهى من مدن إلبيرة. انظر: الروض المعطار ٤٥، ٤٦، معجم البلدان (غرناطة)، الإدريسى ٢٠٣.