هو، فأرسلوا إلى الطبيب العنكبوت، وأطلعوه على ذلك الذى رماه الفقيه، فقال: هذا شيء ما يخرج على يد طبيب أصلا، وإنما يخرج هذا بوجه (١)، إلى أن أخبروه بشرب ذلك الماء، الذى أرسل به الشيخ أبو عثمان، فاعترف بذلك.
قال جدى: والشيخ أبو عثمان هذا، يعرف بالورياجلى، وهو من صنهاجة، وكان قد صحب سيدى أبا محمد عبد الرزاق، وعبد الرزاق صحب سيدنا أبا مدين رضى الله عنه.
وكان لأبى عثمان فى مدينة فاس، العجائب من خوارق العادات، وبقى أبو عبد الرحمن المغيلى، قاضيا بمدينة فاس، إلى أن دخلها بنو مرين، قريب الخمسين والستمائة، فقتلوه هو وولده وجماعة آخرين من أكابر البلد. انتهى.
ولأبى عبد الله بن قطرال هذا نظم، فمنه ما أنشدناه إبراهيم بن أبى بكر بن عمر، ومحمد بن محمد بن عبد الله الصالحيان، إذنا مكاتبة منهما: أن أبا عبد الله بن قطرال هذا، أنشدها لنفسه إجازة مكاتبة، وتفردا بها عنه:
حمى الله دار العامرية بالحمى ... وروى بريا ذلك الشعب والشعبا
ألا هل لهاتيك الظلال إفاءة ... وذاك النسيم الحاجرى ألا هبا
أما وعشايا بالعميم يديرها ... علىّ نديمى كالمشعشعة الصهبا
لقد أصبحت نآى حقيقة هابها ... لدن أوطنت منى محبتها القلبا
فلا أدعى شيئا ولا أشتكى نوى ... ولا أختشى فصلا ولا أتقى حجبا
ومن شعره أيضا، ما أنشدناه الشيخان المذكوران إجازة عنه، قال:
إن أيام الرضا معدودة ... فالرضا أجمل شيء بالعبيد
لا تظنوا عنكم لى سلوة ... ما على شوقى إليكم من مزيد
راجعوا أنفسكم تستيقنوا ... أنكم فى الوقت أقصى ما أريد
إن يوما يجمع الله بكم ... فيه شملى هو عندى يوم عيد
وقد كتب عنه هذه الأبيات، المحدث فخر الدين عثمان بن بلبان المقاتلى، وكتبها عن المقاتلى: القاضى عز الدين بن جماعة. وأنشدناها عنه شيخنا الشريف عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى. وكان ابن قطرال هذا، صالحا كبير القدر، عالما نحويا أديبا.
توفى بمكة، فى سادس جمادى الأولى سنة عشر وسبعمائة برباط الخوزى ـ بخاء معجمة ـ طلع أعلاه لنشر ثيابه، فوقع به الدرابزين، فسقط إلى الأرض، فمات.
(١) هكذا فى الأصل، ويبدو أن هناك سقط.