واختلف أيضا فى مولد المحب الطبرى، فقيل: إنه ولد بمكة يوم الخميس السابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة خمس عشرة وستمائة. كذا ذكر مولده البرزالى فى معجمه. وهكذا وجدته بخط الشيخ بهاء الدين عبد الله بن خليل المكى نقلا عن غيره.
ووجدت بخط أبى حيان: أن المحب الطبرى أخبره أن مولده فى خامس عشرى جمادى الآخرة من السنة المذكورة.
وذكر البرزالى عن أمين الدين ابن الوانى، أنه كتب لهم من مكة أنه ولد سنة أربع عشرة وستمائة. وقرأ بمكة. انتهى.
وكان الشيخ محب الدين الطبرى، يلقب بمحيى الدين قبل أن يلقب بمحب الدين. وكان يكره اللقب الأول، فزار المدينة النبوية، ومدح النبى صلى الله عليه وسلم بقصيدة، وسأل أن تكون جائزته عليها، أن يزول عنه اللقب الأول؛ فزال حتى كأن لم يكن.
وهذه الحكاية ذكرها جدى الشريف أبو عبد الله فى تعاليقه؛ لأنه قال: سمعت الإمام محب الدين الطبرى رحمه الله يقول: مشينا إلى المدينة زائرين، وكنا جماعة، فنظمت قصيدة فى مدح النبى صلى الله عليه وسلم؛ فلما قدمنا المدينة، أنشدت القصيدة، فلما فرغت من إنشادها، قلت: يا رسول الله، إن من جائزتى أن يذهب عنى هذا اللقب، وكان لقبى بين الناس: محيى الدين، وكنت أكره هذا اللقب، فلقبت بعد ذلك: محب الدين، وذهب عنى لقب محيى الدين، حتى كأنه لم يكن. انتهى.
وللشيخ محب الدين شعر كثير جيد يحويه ديوانه، وهى مجلدة لطيفة على ما رأيت.
فمن ذلك قصيدة نحو مائة وستين بيتا، ذكر فيها المنازل بين مكة والمدينة، أولها [من الطويل]:
رحلت إلى المختار خير البرية
ومن ذلك ما أنشدناه الشيخ أبو اليمن محمد بن أحمد بن الرضى الطبرى بقراءتى عليه بالحرم الشريف، عن أبيه وابن عمه عثمان بن الصفى الطبرى إذنا أن المحب الطبرى أنشدهما لنفسه إجازة [من الوافر]:
مريض من صدودك لا يعاد ... به ألم لغيرك لا يعاد
وقد ألف التداوى بالتدانى ... فهل أيام وصلكم تعاد
لحا الله العواذل كم ألحوا ... ولا أصغى وكم عذلوا وعادوا