(قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ، وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ) أي قل لمن يسأل عن المصلحة فى معاملة اليتامى من عزل أو مخالطة- إن كل ما فيه صلاح لهم فهو خير، فعليكم أن تصلحوا نفوسهم بالتربية والتهذيب، وأموالهم بالتنمية والتثمير، ولا تهملوا شئونهم فتفسد أخلاقهم وتضيع حقوقهم، ولا وجه للتأثم من مخالطتهم في المأكل والمشرب والكسب، فهم إخوانكم في الدين، ومن شأن الإخوة أن يكونوا خلطاء في الملك والمعاش، وفي ذلك منفعة لهم لا ضرر عليهم، إذ كل واحد منهم يسعى في خير الجميع، والمخالطة مبنية على المسامحة، لانتفاء مظنّة الطمع، فيكون اليتيم في البيت كالأخ الصغير تراعى مصلحته، ويتحرى له رجحان كفته (وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) أي والله يعلم ما تضمره القلوب، وتميل إليه من قصد الإفساد أو الإصلاح في هذه المخالطة، وسيحاسبكم على الدقيق والجليل من الأمور وإنما نبه القلوب إلى ذكر علمه تعالى، لتلاحظ ذلك حين العمل، وترقب الجزاء على ما تعمل، حتى تأمن الزلل، وتبتعد عن مواطن الشبهة، فشهوة الطمع كثيرا ما تسوّل للانسان أكل مال اليتيم، كما تزين له أكل مال أخيه الضعيف ولا وازع ولا زاجر إلا تقوى الله، ومراقبته في السر والعلن.
وكثير من الأوصياء على الأيتام يظهرون العفّة والزهد في أكل أموالهم، وهم يلتهمونها التهاما، فتراهم بعد قليل أصبحوا من ذوى الثراء، وأجرهم المفروض ليس فيه الغناء.
(وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ) أي ولو شاء الله أن يكلفكم ما لا تطيقونه من القيام بشئون اليتامى وحفظ أموالهم دون أن يأذن لكم في مخالطتهم لفعل، لكنه لواسع رحمته لا يكلف النفس إلا ما تطيق كما قال:«وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» ومن ثم أباح لكم مخالطتهم ومعاملتهم معاملة الإخوة، وعفا عما جرى العرف به من