وتتعودوا احتمال الشدائد، فلا تحزنوا فيما بعد على ما يفوت من المنافع والمغانم.
(وَلا ما أَصابَكُمْ) أي ولا تحزنوا على ما أصابكم من المضارّ، إذ التربية إنما تكون بالعمل والمران الذي يكمل به الإيمان وتثبت الفضائل.
(وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) فهو عالم بجميع أعمالكم ومقاصدكم، والدواعي التي حفزتكم عليها، وقادر على مجازاتكم، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
وفى هذا ترغيب فى الطاعة، وزجر عن الإقدام على المعصية.
(ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً) أي ثم وهبكم من بعد الغم الذي اعتراكم أمنا أزال عنكم الخوف الذي كان بكم، حتى نعستم وغلبكم النوم، لتستردوا ما فقدتم من القوة بما أصابكم من القرح وما عرض لكم من الضعف.
والنوم نعمة كبرى لمن يصاب بمثل تلك المصايب، وعناية من الله يخص بها بعض عباده فى مثل تلك المحن ليخفف وقعها على النفوس.
وعن أبى طلحة رضي الله عنه غشينا النعاس ونحن فى مصافنا، فكان السيف يسقط من يد أحدنا فيأخذه، ثم يسقط فيأخذه، وما من أحد إلا يميل تحت حجفته (ترسه) .
وعن الزبير رضي الله عنه، لقد رأيتنى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اشتد علينا الخوف، فأرسل الله علينا النوم، والله إنى لأسمع معتّب بن قشير والنعاس يغشانى، ما أسمعه إلا كالحلم يقول: لو كان لنا من الأمر شىء ما قتلنا هاهنا.
(يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ) قال ابن عباس هم المهاجرون وعامة الأنصار الذين كانوا على بصيرة فى إيمانهم.
(وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ) يقال همنى الشيء أي كان من همى وقصدى أي وجماعة من المنافقين كعبد الله بن أبىّ ومعتب بن قشير ومن لف لفهم، قد شغلوا بأنفسهم عن الرسول والدفاع عن الدين.
وخلاصة هذا- إن المؤمنين بعد انتهاء الموقعة صاروا فريقين: