للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١) فريق ذكروا ما أصابهم فعرفوا أنه كان بتقصير من بعضهم، وذكروا وعد الله بنصرهم فاستغفروا لذنوبهم، ووثقوا بوعد ربهم، وأيقنوا أنهم إن غلبوا هذه المرة بسبب ما أصابهم من الفشل والتنازع وعصيان الرسول، فإن الله سينصرهم بعد، فأنزل الله عليهم النعاس أمنة حتى يستردوا ما فقدوا من قوة، ويذهب عنهم ما عرض لهم من ضعف.

(٢) فريق أذهلهم الخوف حتى صاروا مشغولين عن كل ما سواهم، إذ الوثوق بوعد الله ووعد رسوله لم يصل إلى قرارة نفوسهم، لأنهم كانوا مكذبين بالرسول فى قلوبهم، لا جرم عظم الخوف لديهم، وحق عليهم ما وصفهم الله به من قوله:

(يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ) غير الحق أي غير الظن الحق الذي يجب أن يظنوه، إذ كانوا يقولون فى أنفسهم لو كان محمد نبيا حقا ما سلط الله عليه الكفار، وهذا مقال لا يقوله إلا أهل الشرك بالله.

(يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ؟) أي يقول بعضهم لبعض على سبيل الإنكار:

هل لنا من النصر والفتح والظفر نصيب؟ يعنون أنه ليس لهم من ذلك شىء، لأن الله سبحانه وتعالى لا ينصر محمدا صلى الله عليه وسلم، فهم قد فهموا أن النصر وحقية الدين متلازمان، فما حدث فى ذلك اليوم دليل على أن هذا الدين ليس بحق، وهذا خطأ كبير، فإن نصر الله رسله لا يمنع أن تكون الحرب سجالا ولكن العاقبة للمتقين.

ثم أتى بجملة معترضة بين ما قبلها وما بعدها.

(قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ) أي إن كل أمر يجرى فهو بحسب سننه تعالى فى الخليقة، ووفق النظم التي وضعها، وربط فيها الأسباب بالمسببات.

ومن ذلك نصر من ينصره من المؤمنين كما وعد بذلك فى قوله: «كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي» وقوله: َ إِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ» .

(يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ) أي يضمرون فى أنفسهم ما لا يستطيعون

<<  <  ج: ص:  >  >>