للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ينبغي بحكم التبعية لا بحكم الأصالة أو مؤد إلى أمر أشد عليه من مقتضى النهي فيترك وما فعل من ذلك أو نجيز ما وقع من الفساد على وجه يليق بالعدل نظرا إلى أن ذلك الواقع واقع المكلف فيه دليلا على الجملة وإن كان مرجوحا فهو راجح بالنسبة إلى إبقاء الحالة على ما وقعت عليه لأن ذلك أولى من إزالتها مع دخول ضرر على الفاعل أشد من مقتضى النهي فيرجع الأمر إلى أن النهي كان دليله أقوى قبل الوقوع ودليل الجواز أقوى بعد الوقوع لما اقترن من القرائن المرجحة كما وقع التنبيه عليه في حديث تأسيس البيت على قواعد إبراهيم وحديث قتل المنافقين وحديث البائل في المسجد فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتركه حتى يتم بوله لأنه لو قطع بوله لنجست ثيابه ولحدث عليه من ذلك داء في بدنه فترجح جانب تركه على ما فعل من المنهي عنه على قطعه بما يدخل عليه من الضرر وبأنه ينجس موضعين وإذا ترك فالذي ينجسه موضع واحد وفي الحديث: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل" ثم قال: فإن دخل بها فلها المهر بما استحل منها، وهذا تصحيح للمنهي عنه من وجه ولذلك يقع فيه الميراث ويثبت النسب للولد وإجراؤهم النكاح الفاسد مجرى الصحيح في هذه الأحكام وفي حرمة المصاهرة وغير ذلك دليل على الحكم بصحته على الجملة وإلا كان في حكم الزنى وليس في حكمه باتفاق، فالنكاح المختلف فيه قد يراعى فيه الخلاف فلا تقع فيه الفرقة إذا عثر عليه بعد الدخول مراعاة لما يقترن بالدخول من الأمور التي ترجح جانب التصحيح، وهذا كله نظر إلى ما يؤول إليه ترتب الحكم بالنقض والإبطال من إفضائه إلى مفسدة توازي مفسدة النهي أو تزيد ولما بعد الوقوع دليل عام مرجح تقدم الكلام على أصله في كتاب المقاصد وهو أن العامل بالجهل مخطئا في عمله له نظران نظر من جهة مخالفته للأمر والنهي وهذا يقتضي الإبطال ونظر من جهة قصده إلى الموافقة في الجملة لأنه داخل مداخل أهل الإسلام ومحكوم له بأحكامهم وخطؤه أو جهله لا يجني عليه أن يخرج به عن حكم أهل الإسلام بل يتلافى له حكم يصحح له به ما أفسده بخطئه وجهله وهكذا لو تعمد الإفساد لم يخرج بذلك عن الحكم له بأحكام الإسلام لأنه مسلم لم يعاند الشارع بل اتبع شهوته غافلا عما عليه في ذلك ولذلك قال تعالى {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ} [النساء: ١٧] الآية وقالوا إن المسلم لا يعصي إلا وهو جاهل فجرى عليه حكم الجاهل إلا أن يترجح جانب الإبطال

<<  <  ج: ص:  >  >>