للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بالأمر الواضح فيكون إذ ذاك جانب التصحيح ليس له مآل يساوي أو يزيد فإذ ذاك لا نظر في المسألة مع أنه لم يترجح جانب الإبطال إلا بعد النظر في المآل وهو المطلوب (١).

"و" منها - كذلك - قاعدة سد "الذرائع" ومنع الوسائل المفضية إلى الحرام، وإن كانت تلك الوسائل حلالا باعتبار أصلها، وهذه القاعدة قد حكمها مالك في أكثر أبواب الفقه، لأن المفسدة لا يخفى أن المصلحة المتروك فيها محققة، والمفسدة المتروكة من أجلها مظنوة، ومع ذلك حكمها مالك رحمه الله في أكثر أبواب الفقه لأن حقيقتها التوسل بما هو مصلحة إلى مفسدة فإن عاقد البيع أولا على سلعة بعشرة إلى أجل ظاهر الجواز من جهة ما يتسبب عن البيع من المصالح على الجملة فإذا جعل مآل ذلك البيع مؤديا إلى بيع خمسة نقدا بعشرة إلى أجل بأن يشترى البائع سلعته من مشتريها بخمسة نقدا فقد صار مآل هذا العمل إلى أن باع صاحب السلعة من مشتريها منه خمسة نقدا بعشرة إلى أجل والسلعة لغو لا معنى لها في هذا العمل لأن المصالح التى لأجلها شرع البيع لم يوجد منها شئ ولكن هذا بشرط أن يظهر لذلك قصد ويكثر في الناس بمقتضى العادة، ومن أسقط حكم الذرائع كالشافعي فإنه اعتبر المآل أيضا، لأن البيع إذا كان مصلحة جاز، وما فعل من البيع الثاني فتحصيل لمصلحة أخرى منفردة عن الأولى، فكل عقدة منهما لها مآلها، ومآلها في ظاهر أحكام الإسلام مصلحة فلا مانع على هذا إذ ليس ثم مآل هو مفسدة على هذا التقدير، ولكن هذا بشرط أن لا يظهر قصد إلى المآل الممنوع، ولأجل ذلك يتفق الفريقان على أنه لا يجوز التعاون على الإثم والعدوان بإطلاق، واتفقوا في خصوص المسألة على أنه لا يجوز سب الأصنام حيث يكون سببا في سب الله، عملا بمقتضى قوله تعالى {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} وأشباه ذلك من المسائل التى اتفق مالك مع الشافعي على منع التوسل فيها وأيضا فلا يصح أن يقول الشافعي إنه يجوز التدرع إلى الربا بحال إلا أنه لا يتهم من لم يظهر منه قصد إلى الممنوع ومالك يتهم بسبب ظهور فعل اللغو وهو دال على القصد إلى الممنوع فقد ظهر أن قاعدة الذرائع متفق على


(١) الموافقات ٤/ ١٤٦ - ١٤٧ - ١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>