للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

يطلب الوفاء به ما لم يمنع مانع وفي الحديث إن خيرا لأحدكم أن لا يسأل من أحد شيئا فكان أحدهم يقع له سوطه من يده فلا يسأل أحدا أن يناوله إياه وقال عثمان ما مسست ذكري بيميني منذ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقصة حمى الدبر ظاهرة في هذا المعنى إذ عاهد الله أن لا يمس مشركا فحمته الدبر حين استشهد أن يمسه مشرك الحديث كما وقع غير أن الفتيا بمثل هذا اختصت بشيوخ الصوفية لأنهم المباشرون لأرباب هذه الأحوال وأما الفقهاء فإنما يتكلمون في الغالب مع من كان طالبا لحظه من حيث أثبته له الشارع فلا بد أن يفتيه بمقتضاه وحدود الحظوظ معلومة في فن الفقه فلو فرضنا أحدا جاء سائلا وحاله ما تقدم لكان على الفقيه أن يفتيه بمقتضاه ولا يقال إن هذا خلاف ما صرح به الشارع لأن الشارع قد صرح بالجميع لكن جعل إحدى الحالتين وهي المتكلم فيها من مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم ولم يلزمها أحدا لأنها اختيارية في الأصل بخلاف الأخرى العامة فإنها لازمة فاقتضى ذلك الفتيا بها عموما كسائر ما يتكلم الفقهاء فيه فإن قيل فإذا كانت غير لازمة فلم تقع الفتيا بها على مقتضى اللزوم قيل لم يفت بها مقتضى اللزوم الذي لا ينفك عنه السائل من حيث القضاء عليه بذلك وإنما يفتي لها وهو طالب أن يلزم نفسه ذلك حسبما استدعاه حاله وأصل الإلزام معمول به شرعا أصله النظر والوفاء بالعهد في التبرعات ومن مكارم الأخلاق ما هو لازم كالمتعة في الطلاق وحديث لا يمنعن أحدكم جاره أن يغرز خشبة في جداره وكان عليه الصلاة والسلام يعامل أصحابه بتلك الطريقة ويميل بهم إليها كحديث الأشعريين إذا أرملوا وقوله من كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له الحديث بطوله وقوله من ذا الذي تألى على الله لا يفعل الخير وإشارته إلى بعض أصحابه أن يحط عن غريمة الشطر من دينه وقد أنزل الله في شأن أبي بكر الصديق حين ائتلى أن لا ينفق على مسطح {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} [النور: ٢٢] الآية وبذلك عمل عمر بن الخطاب في حكمه على محمد بن مسلمة بإجراء الماء على أرضه وقال والله ليمرن به ولو على بطنك إلى كثير من هذا الباب وأخص من هذا فتيا أهل الورع إذا علمت درجة الورع في مراتبه فإنه يفتي بما تقتضيه مرتبته كما يحكى عن أحمد بن حنبل أن امرأة سألته عن الغزل بضوء مشاعل السلطان فسألها من أنت فقالت أخت بشر الحافي فأجابها بترك الغزل بضوئها هذا معنى الحكاية دون لفظها وقد حكى مطرف عن

<<  <  ج: ص:  >  >>