للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وذو التزود بهذه الفائدة - القاعدة - يسهل عليه التفرقة بين حكم المقصد التبعي، والأصلي فيما يعرض له من نوازل ومسائل.

ومنها: كونها تراعى في بناء الأحكام الفقهية وتستحضر للاستضاءة بمقتضاها فيه وعرض الحكم الثابت بالنص لمعرفة ذلك الحكم والمقصد الشرعي منه، ثم وضعه تحت كليه الجاري حكمه عليه، سواء كان ذلك الكلي ضروريا، أو غيره، فبذلك يتم بناء الحكم الفقهي.

ومن تمام الفائدة في هذا الشأن أن يعلم أن إدراك كون الجزئيات داخلة تحت الكليات الثلاث لا يكون على الدوام موضع القطع، بل قد يعرض في ذلك ما يقتضي الأخذ بالظن فيه، وقد يكون هذا هو الأصل فيما يجري فيه النظر والاجتهاد من ذلك، لأمور تعارضت فيه.

وهذا قد بينه مفصلا إمام الحرمين الجويني في "مراتب قياس المعنى" من باب ترجيح الأقيسة من كتابه "البرهان"، وفي هذا المعنى قال الإمام الرازي في المحصول "إن كل واحدة من هذه المراتب قد يقع فيه ما يظهر كونه من ذلك القسم، وقد يقع فيه ما لا يظهر كونه منه، بل يختلف ذلك بحسب اختلاف الظنون وقد استقصى إمام الحرمين - رحمه الله - في أمثلة هذه الأقسام ونحن نكتفي بواحد منها قال - رحمه الله -: قد ذكرنا أن حفظ النفوس بشرع القصاص من باب المناسب الضروري. ومما نعلمُ قطعًا أنَّه من هذا الباب شرعُ القصاص في المثقّل، فإنّا كما نعلم أنّه لولا شرع القصاص في الجملة لوقع الهرج والمرج: فكذلك نعلم أنّه لو ترك في المثقّل لوقع الهرج، ولأدّى الأمر إلى أنّ كل من أراد قتل إنسان فإنه يعدل عن المحدّد إلى المثقّل: دفعا للقصاص عن نفسه، إذ ليس في المثقّل زيادة مؤنة ليست في المحدّد، بل كان المثقّل أسهل من المحدّد … وعند هذا قال رحمه الله: لا يجوز في كل شرع تُرَاعى فيه مصالح الخلق عدم وجوب القصاص بالمثقّل".

قال - رحمه الله - فأما إيجاب قطع الأيدي باليد الواحدة فإنه يحتمل أن يكون من هذا الباب، لأنه لا يظهر كونه منه، أما وجه الاحتمال فلأنا لو لم نوجب قطع الأيدي باليد الواحدة: لتأذى الأمر إلى أن كل من أراد قطع يد إنسان استعان

<<  <  ج: ص:  >  >>