للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بشريك ليدفع القصاص عنه: فتبطل الحكمة المرعية بشرع القصاص. وأما أنه لا يظهر كونه من هذا الباب فلأنه يحتاج فيه إلى الاستعانة بالغير، وقد لا يساعده الغير عليه فليس وجه الحاجة إلى شرع القصاص ها هنا مثل وجه الحاجة إلى شرعه في المنفرد (١).

ومنها: كون الأدنى منها يخدم - أي يكمل - الأعلى، فالحاجيات

والتحسينيات تخدم الضروريات، والتحسينيات تخدم الحاجيات، وهذا يثمر في الأذهان أن المقصود في ذلك كله إنما هو حفظ الضروريات، فليتخذ ذلك أساسا في النظر الفقهي.

ومنها: أن الاختلال في الضروريات يوجب الاختلال في الحاجيات والتحسينيات، بخلاف الاختلال في هذه فإنه لا يخل بتلك - الضروريات -.

ومنها: أنها غير تابعة لأهواء النفوس، ولا هي معتبرة بها، وإنما تعتبر من حيث تقام الحياة الدنيا للحياة الأخرى، وهذا أصل مهم يجب أن لا يغفل عنه في مجاري الاعتماد على المصالح والمفاسد في بناء الأحكام الفقهية.

ومنها: بيان أن لهذه المقاصد علامات تدل عليها تؤخذ من أحوال الخطاب الشرعي - كالأمر والنهي - واعتبار العلل والتحديد في المقدار والزمان، والمكان، وغير ذلك مما ذكره في كتاب الأدلة وفي كتاب المقاصد وخاصة آخره، وأعاد ذكره في كتاب الأدلة، وزاد عليه. وهذا إذا حصل في الأذهان علمت به المقاصد وأدركت في مواطنها، وبأماراتها وعلاماتها الدالة عليها.

ومنها: أنها في شأن الحفظ لها مرتبة بالأولوية، وذلك بتقديم الأعلى منها على ما دونه، على ما تقدم ذكره ولا يخفى ما في هذا من فائدة الترجيح عند التعرض.

ومنها: أن المصالح يلغى اعتبارها إذا عارضتها المشقة غير المعتادة.

وهذا العلم به ينشئ في النفس معرفة الحدود التي تنتهي فيها رعاية المصلحة،


(١) المحصول في علم أصول الفقه/ ج ٢/ ص ٢٢١ - ٢٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>