للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٧٧٠ - قِسْمَانِ قِسْمٌ هُوَ فِي مَقَالِهْ … وَفِعْلِهِ وَفِي جَمِيعِ حَالِهْ

٢٧٧١ - جَارٍ عَلَى مَا تَقْتَضِي فُتْيَاهُ … فَذَاكَ لَا يَعْدِلُهُ سِوَاهُ

٢٧٧٢ - وَمُقْتَضَى الإِفْتِاءِ مِنْهُ أَنْفَعُ … إِذْ مَا يَقُولُ فِي الْقُلُوبِ أَوْقَعُ

٢٧٧٣ - وَالثَّانِ مَا لَيْسَ كَذَاكَ حَالُهُ … بَلْ خَالَفَتْ أَقْوَالَهُ أَفْعَالُهُ

الشرعية للناس "قسمان":

أحدهما: "قسم هو في مقاله وفعله وفي جميع حاله".

وأوصافه "جار على ما يقتصي"ـه "فتياه" لا تنافي في ذلك ولا تخالف، ومن كان هكذا "فذاك لا يعدله" أو يساويه "سواه" ممن هو دونه في ذلك، "و" إنما كان كذلك لأمرين:

أحدهما: ما تقرر من أن من كان هكذا يكون "مقتضى الإفتاء" الذي يصدر "منه" ويأتي "أنفع" لمن يفتيهم "إذ ما يقول" وما به يعظ أو يفتي يكون "في القلوب أوقع" وأولى بالقبول، لأنه الذي ظهرت ينابيع العلم عليه، واستنارت كليته به، وصار كلا منه خارجا من صميم القلب - والكلام إذا خرج من القلب وقع في القلب - ومن كان بهذه الصفة فهو من الذي قال الله - تعالى - فيهم: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فَاطِر: ٢٨]، بخلاف ما لم يكن كذلك، فإنه وغن كان عدلا وصادقا وفاضلا لم يبلغ كلامه من القلوب هذه البالغ، حسبما حققته التجربة العادية.

والثاني من الأمرين: أن مطابقة الفعل القول شاهد لصدق ذلك القول، كما تقدم بيانه، فمن طابق فعله قوله صدقته القلوب، وانقادت له بالطواعية النفوس.

"و" أما "الثان" من القسمين فهو "ما ليس كذاك" الذي ذكر وصفه و"حاله" في هذا الشأن "بل" هو على خلافه في ذلك إذ "خالفت أقواله" في الوعظ والإفتاء "أفعاله" وإن كان لم يزل إلى درجة سقوط عدالته، وإن كان فضله وعلمه معلوما، فهذا دون الذي قبله لأن التفاوت الحاصل في هذه المراتب في هذا الشأن الظاهر فيه أنه مفيدة زيادة، وذلك أن من زهد الناس في الفضول التي لا تقدح في العدالة، وهو زاهد فيها وتارك لطلبها، فتزهيده أنفع من تزهيده من زهد فيها، وليس بتارك لها، فإن ذلك مخالفة، وإن كانت جائزة، وفي مخالفة القول الفعل - هنا - ما يمنع من بلوغ مرتبة من طابق قوله

<<  <  ج: ص:  >  >>