للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٨٦٩ - فَالذَّمُّ مِنْ وَجْهَيْنِ وَجْهٌ يُخْبِرُ … أَنْ لَيْسِ فِيهَا طَائِلٌ يُعْتَبَرُ

٢٨٧٠ - بِكَوْنهَا إِلَى الْغُرُورِ تَنْتَسِبْ … وَوَصْفِ حَالِهَا بِلَهْوٍ وَلَعِبْ

٢٨٧١ - ثَانِيهِمَا مِنْ سُرْعَةِ الزَّوَالِ … وَعَدَمِ الْبُقْيَا وَالاسْتِقَلَالِ

٢٨٧٢ - وَفِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ جَمٌّ مُعْتَبَرْ … مِنَ النُّصُوصِ فِي الْكِتَابِ وَالْخَبَرْ

٢٨٧٣ - وَالْمَدْحُ مِنْ وَجْهَيْنِ يُسْتَقْبَلُ … مِنْ حَيْثُ أَنَّ حَالَهَا يَدُلُّ

شوائب الكدرات الدنيويات والأخرويات. وقال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} يعني في الدنيا {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ} [النحل: ٩٧] يعني في الآخرة. وقال حين امتن بالنعم: {انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ} [الأنعام: ٩٩]، {كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} [سبأ: ١٥] وقال في بعضها: {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} [الجاثية: ١٢]، فعد طلب الدنيا فضلا، كما عد حب الإيمان وبغض الكفر فضلا. والدلائل أكثر من الاستقصاء (١).

وهذا وما سبقه يقتضي التعارض في شأن النظر الشرعي إلى هذه الدنيا على وجه بين، "فالذم" الشرعي لها وارد عليها كما تقدم ذكره "من وجهين":

أحدهما: "وجه" مبرز لها شرعا "يخبر" ويعلم "إن ليس فيها" شيء "طائل" نافع ذو مزية "يعتبر" ويعتد به، وذلك "بـ" سبب "كونها إلى الغرور تنتسب" لأنها متاعه "و" بسبب "وصف حالها بلهو ولعب".

"ثانيهما": ما وصفت به "من سرعة الزوال " والانقضاء لأيامها "وعدم البقيا" - بضم الباء وسكون القاف - أي البقاء والدوام "و" من سرعة "الاستقلال" عنها، أي الانفصال "وفي" إثبات "كلا الوجهين" قد ورد "جم" أي جمع كثير "معتبر" ومعتد به "من النصوص في الكتاب والخبر" أي السنة، وقد تقدم ذكرها. "و" كما أن هذا الذم للدنيا قد جاء شرعا من وجهين فكذلك "المدح" لها فإنه أتى لها شرعا "من وجهين" - أيضا - كما تقدم ذكره، فمنهما "يستقبل" يعني يرد ويجيء، ويمكن أن يقرأ يستقبل مبنيا للمجهول أي يرفع ويحمل. أحد هذين الوجهين - بكسر الجيم - ورود هذا المدح "من حيث أن حالها" أي الدنيا "يدل" بما


(١) الموافقات ٤/ ٢٢٦ - ٢٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>