للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٩٥٤ - ثُمَّ الْفُرُوعُ الظَّنُّ فِيهَا كافِ … بِشَرْطِهِ الْمُقَرَّرِ الأَوْصَافِ

٢٩٥٥ - وَالْحُكْمُ مَا أَدَّى لَهُ الدَّلِيلُ … فِي حَقِّهِ وَهْوَ لَهُ السَّبِيلُ

٢٩٥٦ - دُونَ افْتِقَارٍ مِنْهُ لِلْمُنَاظَرَهْ … لِعَدَمِ الْجَدْوَى بِمَنْ قَدْ نَاظَرَهْ

بيان ذلك في المقدمة الثالثة في صدر هذا الكتاب.

"ثم" إن ثبوت أدلة "الفروع الظن فيها كاف" ومغن لكن "بشرطه المقرر الأوصاف" التي منها أن يكون عن دليل وبرهان يثمره، وأن لا يكون مخالفا لدليل قطعي، كما هو مبين في صدر كتاب الأدلة هذا. "و" أما "الحكم" في ذلك فهو - أيضا - "ما أدى له الدليل" وأوصل إليه، وهو الذي يثبت "في حقه" واجبا "وهو له السبيل" الذي يحق عليه اتباعه على استغناء أي "دون افتقار" وحاجة "منه للمناظرة" ومباحثة أهل العلم في هذا الشأن، وذلك "لعدم الجدوى" والفائدة "بمن قد ناظره " يعني يناظره، لأن نظره في مطلبه إما نظر في جزئي وهو ثان عن نظره في الكلي الذي ينبني عليه وإما نظر في كلي ابتداء والنظر في الكليات ثان عن الاستقراء وهو محتاج إلى تأمل واستبصار وفسحة زمان يسع ذلك وهكذا إن كان عقليا ففرض المناظرة هنا لا يفيد لأن المجتهد قبل الوصول متطلب من الأدلة الحاضرة عنده فلا يحتاج إلى غيره فيها وبعد الوصول هو على بينة من مطلبه في نفسه فالمناظرة عليه بعد ذلك زيادة وأيضا فالمجتهد أمين على نفسه فإذا كان مقبول القول قبله المقلد ووكله المجتهد الآخر إلى أمانته إذ هو عنده مجتهد مقبول الاتول فلا يفتقر إذا اتضح له مسلك المسألة إلى مناظرة وهنا أمثلة كثيرة كمشاورة رسول الله صلى الله عليه وسلم السعدين في مصالحة الأحزاب على نصف تمر المدينة فلما تبين له من أمرهما عزيمة المصابرة والقتال لم يبغ به بدلا ولم يستشر غيرهما وهكذا مشاورته وعرضه الأمر في شأن عائشة فلما أنزل الله الحكم لم يلق على أحد بعد وضوح القضية ولما منعت العرب الزكاة عزم أبو بكر على قتالهم فكلمه عمر في ذلك فلم يلتفت إلى وجه المصلحة في ترك القتال إذ وجد النص الشرعي المقتضي لخلافه وسألوه في رد أسامة ليستعين به وبمن معه على قتال أهل الردة فأبى لصحة الدليل عنده بمنع رد ما أنفذه رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا تقرر وجود هذا في الشريعة وأهلها لم يحتج بعد ذلك إلى مناظرة ولا إلى مراجعة إلا من باب الاحتياط (١).


(١) الموافقات ٤/ ٢٤٣ - ٢٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>