وناظرا "وهو على" درجة "التقليد" فيما يأتي منه من أحكام وما يدر "بعد لم يزل" إذ هو قاصر عما هو أعلى من ذلك، "فذا" أي فهذا المصنف من طلبة العلم هو "الذي له دخول في العمل" بما علمه، إلا أنه لا يدخل فيه وهو متصف بما يتصف به أهل الاجتهاد وكان العلم وصفا من أوصافهم الذين سيأتي وصف حالهم في هذا الشأن - الدخول في العمل - وإنما يدخل فيه "بمقتضى" وحكم وجوب "تحمل التكليف" الشرعي الذي مفاده إلزام النفس ما فيه مشقة وكلفة، "و" بمقتضى "باعث" وداعي "الترغيب" في ذلك العمل، وذلك يحصل بذكر ما في ذلك العمل، من الثواب والأجر العظيم عنده - سبحانه وتعالى - وما يكون منه من خير ونفع في الدنيا. "و" كذلك بمقتضى "التخويف" الترهيب، وذلك يحصل بذكر ما ورد من الوعيد الإلهي في الترك لما يجب فعله، وفي الفعل لما يجب تركه. "و" لذلك يصح أنْ يقال "العلم" وحده "بالحمل" على العمل والعبادة "هنا" في هذه الرتبة والحالة "لا يكتفي "أي لا يضطلع "بل" هو "لمقو" خارج "زائد" عليه "قد يقتفي" أي يتبع، ثم بين ذلك الأمر الخارجي المقوي الزائد على ذلك العلم فقال:
"من زجر" أي ردع "أو تعزير" وهو الضرب دون الحد، يحكم به لمنع الجاني عن المعصية وردعه عن المعاودة "أو تأديب" بنحو سجن، وقد يكون مراده به هو التعزير بالمعنى السابق، ويكون مراده بالتعزير هو الحد. و"دليله" أي دليل هذا الذي ذكرته - من أن من كان في هذه الرتبة في تحصيل العلم الشرعي لا يأتي العمل بمجرد علمه وإنما لا بد أن يكون معه في حمله على ذلك هذه الأمور الأخرى التي ذكرت - وبرهان "عوائد" يعني مقتضيات عوائد - جمع عادة - "التجريب" واختبار أحوال الخلق وطبائعهم النفسية، فذلك كله قد أعطي في هذه المرتبة برهانا يقتضي هذا الذي ذكر على قطع.