للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨٣ - ثَانِيَةٌ رُتْبَةُ مَنْ قَدِ ارْتَفَعْ … عَنْ رُتْبَةِ الْمُقَلِّدِينَ إِذْ بَرَعْ

١٨٤ - فِي عِلْمَيِّ الْفُرُوعِ وَالْأُصُولِ … مِنْ جِهَةِ الْمَنْقُولِ وَالْمَعْقُولِ

١٨٥ - فَهَوُلَاءِ رُبَّمَا خَفَّ الْعَمَلْ … عَلَيْهِمُ وَلَمْ يُدَاخِلْهُم خَلَلْ

١٨٦ - لِأجْلِ مَا حَازُوا مِنَ التَّحْقِيقِ … فِي عِلْمِهِمْ بِشِدَّةِ التَّصْدِيقِ

ثم ذكر الناظم الرتبة الثانية فقال: "ثانية" يعني وبعد هذا اذكر الرتبة التي بعد هذه وهي ثانية، هذا ما ظهر لي أن يوجه به ابتداؤه بالنكرة هنا ولا يخفى ما في هذا من التكلف، إذ مقتضى القواعد النحوية ومساق الكلام هو أنْ يقول: والثانية كما قال والأولى في وصف الرتبة المتقدم ذكرها. ويمكن أن يوجه كالأمه بجعل ثانية خبرا مقدما وما بعدها مبتدأ مؤخرا. على ما فيه من ضعف وركاكة، هذا شأن هذه اللفظة "ثانية". واما حال هذه الرتبة فقد بينه بقوله: "رتبة" ودرجة "من قد" وقف على براهين العلم وكان مستبصرا فيه حسبما أعطاه شاهد النقل الذي يصدقه العقل تصديقا يطمئن إليه، ويعتمد عليه وبذلك "ارتفع عن رتبة" ودرجة "المقلدين" لغيرهم "إذ" تعليلية، أي لأجل أنه قد "برع" أي فاق "في" إدراك وتحصيل "علمي الفروع" يعني الجزئيات كالفروع الفقهية "والأصول" الكليات - كأصول الفقه - سواء "من جهة" إدراك ومعرفة "المنقول" يعني الأدلة النقلية التي تتوقف البراعة في ذلك على العلم بها والإحاطة بأفرادها، وما تقرر بالنظر فيها من أحكام ومذاهب "والمعقول" يعني الأدلة العقلية إلي يعتمد عليها في بناء الأحكام وصوغ القواعد، وأنت خبير بأن الأدلة العقلية تستعمل بحسب حال الموضوع، وفي علم الأصول تستعمل مركبة على الأدلة الشرعية النقلية - كما تقدم ذكره - فلا مناص من العلم بما تقرر في قيمتها المعرفية، وبالطرق التي تسلك في العمل بمقتضاها، ومن يحكمها في أمور الدين، ومن لا يرى ذلك، ولا يخرج المرء من ربقة التقليد حتى يكون في ذلك كله كما قال الناظم ومن كانوا كذلك "فهولاء" لأجل هذا الذي قام بهم من البراعة العلمية "ربما" - رب - هنا للتكثير كما يدل عليه كلام الشاطبي - "خف العمل" الذي تعبدنا سبحانه به "عليهم" خفة أخرى زائدة على مجرد التصديق الذي عليه أهل المرتبة الأولى "ولم يداخلهم " يعني لم يخالط نفوسهم في هذا الشأن. "خلل" أي وهن، وإنما هم كذلك "لأجل ما حازوا" وأدركوا "من التحقيق" أي اليقين "في علمهم" ذلك التحقيق الذي حصل لهم "بشدة التصديق" وقوته التي

<<  <  ج: ص:  >  >>