كتاب المقاصد، وما يذكر - هنا - إنما هو بيان أن الشريعة مبنية على هذه الأصول الكلية التي قام البرهان على أنها قطعية.
"وجملة" أي جميع وكل أحكام "الفروع" والجزئيات الواردة في هذه الشريعة "باستغراق" وشمول تام "مسندة لها" أي لهذه الأصول ومبنية عليها "على الإطلاق" أي بلا استثناء، فعلم من هذا أن علم الشريعة علم أصيل راسخ الأساس ثابت الأركان؛ وهو وإن كان وضعيا فإنه بمثابة العقلي الموضوع به لأنه مبني على الاستقراء التام الناظم لأشتات أفراده، حتى صار في العقل كليا مطردا عاما ثابتا. ثم ذكر خصائص هذا القسم فقال:
"وإن ذا القسم" الذي هو الصلب "له أوصاف" يعني خواص "ثلاثة" ثبت "له بها اتصاف" وتميز عن غيره بها، "وهي" أي هذه الخواص:
أحدها:"العموم مع الاطراد" فلا عمل يفرض ولا حركة ولا سكون يدعى إلا والشريعة عليه حاكمة أفرادا وتركيبا وهو معنى كونها عامة "وذا" الأمر الذي ذكر "من" أحكام وتصرفات "الشارع أمر باد" ظاهر مطرد "إذ ليس" يوجد "في كلية" النص "العمومي" أو المعقول العمومي - المتصف بأنه عام مستغرق لما صلح له دفعة من غير حصر - "خصوص" ما "إلا وهو" يعني إلا وذاك الذي خص داخل "في عموم" آخر، وكلية أخرى. فهو راجع على كل حال إلى عموم، كالعرايا، وضرب الدية على العاقلة والقراض والمساقاة والصاع في المصراة وأشباه ذلك، فإنها خارجة عن أصول وكليات معلومة، إلا أنها وإن كانت خارجة عنها فإنها راجعة إلى أصول حاجية أو تحسينية أو ما يكملها، وهي أمور عامة، فلا خاص في الظاهر إلا وهو عام في الحقيقة، والاعتبار - النظر - في أبواب الفقه يبين ذلك. هذه هي الخاصية الأولى - التي ذكر أنها العموم الاطراد -.