أي ماضيا عليه في بناء الأحكام التي يجري بناؤها عليه شرعا، فالسنة تابعة للقرآن ومبينة له.
في بيان حكم مواضع العفو "وجاء" عن الشارع "حكم العفو في مواضع" معينة معلومة "أولها" أي هذه المواضع "حيث" يعني الموضع الذي حصل فيه "سكوت الشارع" عن حكمه، إذ ما سكت عنه فهو عفو، وقد تقدم ذكر نص الحديث النبوي الوارد في ذلك. "وخطأ الفعل" يعني فعل الخطأ، فما صدر عن مخطئ فهو عفو، ومثله في ذلك كما سيأتي الكلام عليه الغافل، وهذا حكم مجمع عليه في الجملة. وهذا ثاني المواضع "و" كذلك الخطأ إذا حصل في "الاجتهاد" وهو استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل ظن بحكم. فإن حصل في ذلك الخطأ في إصابة الحكم الشرعي فإنه غير مؤاخذ به شرعا وهو ثالث المواضع وكذلك الرابع ما حصل من فعل "مع إكراه" معتبر شرعا، وهو الجالب لعدم المؤاخذة، فإن حاصل ذلك أن تركه لما ترك وفعله لما فعل لا حرج عليه فيه وهذا عفو. "أو" ما كان يفعل عن "رخصة" وهو الموضع الخامس، فالرخص كلها مواضع العفو، فإن النصوص دلت على ذلك حيث نص على رفع الجناح، ورفع الحرج وحصول المغفرة؛ ولا فرق في ذلك بين أن تكون الرخصة مباحة أو مطلوبة؛ لأنها إن كانت مباحة فلا إشكال، وإن كانت مطلوبة فيلزمها العفو عن نقيض المطلوب" فأكل الميتة إذا قلنا بإيجابه فلا بد أن يكون نقيضه، وهو الترك معفوا عنه، وإلا لزم اجتماع النقيضين في التكليف بهما، وهو محال ومرفوع عن الأمة. والسادس ما كان عن "سهو يقع" فالناسي غير مؤاخذ، فكل فعل صدر عنه فهو عفو. ولو جعل هذا الموضع مع موضع الخطأ واحدا لكان أخصر، وأولى، لما بينهما من الاتحاد في الحكم والحال، وهو ما جرى عليه الشاطبي في الأصل. والسابع هو "ما" يعني فعلا أو رأيا هو "مخالف دليلا" شرعيا هو الذي يجب العمل بمقتضاه ويلزم القول به إلا أنه "لم يصل" ولم يبلغ ذلك الفاعل أو القائل المخالف له. فما كان كذلك فإنه يجري عليه حكم العفو لأنَّهُ لا تكليف إلا مع العلم "و" كذلك "ما" أي العمل فيه "بوفق" يعني على وفق "ما له النسخ" أو عدم الصحة "شمل" فمن عمل بدليل منسوخ أو غير صحيح وهو لا يعلم بذلك فإنه يجري عليه حكم العفو "أيضًا