جهل، وذلك كمن يعمل عملا على اعتقاد إباحته لأنَّهُ لم يبلغه دليلٌ تحريمه أو كراهته، أو يتركه معتقدا إباحة تركه إذ لم يبلغه دليلٌ وجوبه أو ندبه (١).
"و" النوع الثالث هو "فعل ما" أي شيء "عن" بيان"حكمه الشرع سكت" فلم يرد عنه في ذلك شيء فمن أتاه وهو يرى إباحته عملا بالبراءة الأصلية فإنه يجرى على فعله هذا حكم العفو "وهو" يعني أن هذا الذي تقرر هنا من جريان حكم العفو في هذا الموضع إن بني على مذهب من يرى صحة خلو بعض الوقائع من حكم الله - تعالى - فالنظر في هذا متوجه، ويكون هو مقتضى الحديث وما سكت عنه فهو عفو ووجهه أن سكت عنه هو الذي خلا من الحكم الشرعي، فيسري فيه حكم العفو المذكور وأما إن بني "على" قول من يرى "منع الخلو" أي خلو الوقائع من الحكم الشرعي إذ لا توجد واقعة إلا وفيها الحكم الشرعي، وعليه فليس ثمت مسكوت عن حكمه بحال، بل هو إما منصوص أو مقيس على منصوص "إن ثبت" هذا القول، فإن هذا مشكل، لأنَّهُ إن عدم المسكوت عنه شرعا عدم ما يجرى فيه العفو على الوجه الذي تقدم تقريره، إلا أنه يمكن أن يوجه جريان حكم العفو على هذا القول - أيضًا - بصرف السكوت - الوارد في الحديث - "أما" إلى "سكوت" من الشارع "عن الاستفصال" والتفرقة بين الجزئيات المختلفة المندرجة تحت لفظه "مع" وجود "مظنة" محل يظن فيه ورود "له" أي ذلك الاستفصال "في الحال" أي حال ورود ذلك الخطاب الخالي من ذلك الاستفصال بناء على عدم جواز تأخير البيان وقت الحاجة وقوله "الحال" هذا قد يكون جاء به لإتمام البيت لصحة الاستغناء عنه. وقد يكون معناه "في الحال" موضع الحكم فيكون معنى كلامه: مع مظنة ثابتة في الخطاب. مثال هذا الذي سكت الشارع عن الاستفصال فيه مع وجود مظنته قوله تعالى:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ}[المائدة: ٥] فإن هذا العموم يتناول بظاهره ما ذبحوا لأعيادهم وكنائسهم، وإذا نظر إلى المعنى أشكل لأن في ذبائح الأعياد زيادة تنافي أحكام الإسلام، فكان للنظر هنا مجال، ولكن مكحولا سئل عن المسألة فقال: كله قد علم