للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٠٦ - فَفَقْدُ عَارِضٍ مَعَ الأَصْلِ يُرَى … إِمَّا مُكَمِّلًا لَهُ حَيْثُ جَرَى

٤٠٧ - فَلَا اسْتِوَاءَ فِيهِمِا وَلَا أَثَرْ … لِفَقْدِ عَارِضٍ فِي الأَصْلِ مُعْتَبَرْ

المسلوك في ذلك أن ينظر إلى فقد العوارض بالنسبة إلى هذا الأصل هل هو من باب المكمل له في بابه أو هو من باب آخر هو أصل نفسه، فإن كان هذا الثاني: فإما أن يكون واقعا أو متوقعا. وفي ذلك وحكمه.

يقول الناظم: "ففقد عارض" إذ قرن"مع الأصل" ونظر إليه نسبة بالنسبة لذلك الأصل فإنه "يرى إما مكملا له" يعنى مكملا لمصلحته المقصودة شرعا منه، وذلك كالشرط مع المشروط في المعاملات "حيث" أي في أي موضع "جرى" أي وقع، فإن كان كذلك أي - مكملا له - "فـ" إنه "لا استواء فيهما" ولا تعارض بينهما "ولا أثر" أي لا تأثير "لفقد عارض في" هذا "الأصل معتبر" بل يلغى اعتبار فقد ذلك العارض، ويعمل بمقتضى الأصل - الإباحة - وذلك كالبيع والشراء فإنهما حلال في الأصل، فإذا اضطر إلى أحدهما وقد عارضه موانع في طريقه ففقد الموانع من المكملات كاستجماع الشرائط، وإذا اعتبرت أدى اعتبارها إلى ارتفاع ما اضطر إليه. وكل مكمل عاد على أصله بالنقص فهو باطل.

والدليل على ذلك أمور:

أحدها: أن المكمل مع مكمله كالصفة مع الموصوف، وفقد الصفة لا يوجب فقد الموصوف، وفقد الموصوف يوجب فقد الصفة، ولذلك كان جانب الموصوف أقوى في الوجود والعدم، وفي المصلحة والمفسدة.

ثانيها: أن الأصل مع مكملاته كالكلي مع الجزئي. وقد علم أن الكلي إذا عارضه الجزئي، يقدم عليه الكلي فلا أثر للجزئي معه، فكذلك هنا، فإنه لا أثر لمفسدة فقد المكمل في مقابلة مصلحة وجود مكمل.

ثالثها: أن المكمل من حيث هو مكمل إنما هو مقصود لأصل المصلحة ومؤكد لها. ففوته إنما فوت بعض المكملات مع أن أصل المصلحة باق وإذا كان باقيا فإنه لم يعارضه ما ليس في مقابلته، كما أن فوت أصل المصلحة إذا وقع لا يعارضه بقاء مصلحة المكمل وهو ظاهر. هذا إن كان العارض من باب التكميل وأما إن كان من باب آخر هو أصل بنفسه، فقد أورد حاله وحكمه قائلا:

<<  <  ج: ص:  >  >>