" أو" كان العارض "غير مكمل" بل هو من باب آخر هو أصل بنفسه، وقد ثبت "له توقع" وانتظار وجود المال فهذا "ليس بمرعى" ولا معتبر "بحيث" يبنى عليه و "يتبع" مقتضاه، وإنما حقه أن يلغى، بحيث يقضي بأنه لا أثر له، لأن ترك المباح الأصل المذكور حرجه واقع، وهو مفسدة، والمفسدة هذا العارض متوقعة متوهمة، فلا تعارض بينهما البتة، لأن الواقع إنما يعارضه الواقع، وهو غير حاصل هنا هذا إن كان ذلك العارض متوقعا، وأما إن كان غير متوقع، بل هو "واقع" وثابت الوجود، "فـ" إن الموضع الذي هو فيه ذلك "موضع" الاجتهاد و "التصحيح" لما ظهر من ذلك أنه صحيح وراجح، وذلك لأن مفسدة العوارض قد تكون أتم من مفسدة ترك المباح، وقد يكون الأمر بالعكس، والنظر في هذا بابه "باب التعارض والترجيح" وهو باب معقود لبيان حقيقة هذين الأمرين - التعارض والترجيح - وأحكامها.
هذا تمام بيان هذه المسألة: المسألة الثالثة عشرة وما يتعلق بها بإيجاز. ولما أنهى الناظم الكلام عليها رجع إلى تتميم ما بقي من المسألة السابقة - الثانية عشرة - وهذا تصرف تبع فيه الناظم ما عليه الشاطبي في الأصل - الموافقات - ولا يخفى ما في ذلك التصرف من أنه غير سديد، لأن عقده الكلام على ذكر المسألة الثالثة عشرة يقضي بأن المسألة التي قبلها قد انتهت، وهو خلاف ما عليه واقع الحال في ذلك، إذ تبين أنه إنما أورد الكلام فيها استطرادا، فكان مقتضى ذلك أن لا يعنون عليها بالمسألة، وإنما يذكر ما أورد فيها طرفا من المسألة الثانية عشرة لأنَّهُ إنما تتضمن تتميما للكلام السابق الذي ذكر فيها. وعلى أي حال فإن الناظم قد رجع إلى تتميم ما ذكر تبعا للأصل.
"و" القسم الثالث من المسألة السابقة هو "غير ما" أي المباح الأصل الذي "اضطر له، ولا ضرر" يلحق "في تركه" إطلاقًا فهذا - القسم - "فيه مجال" ومسرح "للنظر" والاجتهاد، وذلك لأن ما ترجح به جانب المباح فيما تقدم وهو الضرورة والحاجة قد ارتفع هنا، وكذلك ما ترجح به جانب العارض من قوة المفسدة - أيضًا - كما تقدم غير مفروض هنا، فانحصر التعارض في هذا المقام بين العارض والإباحة، ولذلك كان هذا