محل الاجتهاد والنظر والترجيح بما تقتضيه الأدلة والقواعد المعمول بها في هذا الموضع "ومقتضى" قاعدة "الذرائع المأثورة" عن أهل العلم يعني المأثور العمل بها واعتبارها عنهم "يدخل" العمل به "في ذا القسم" لكونه أي هذا القسم صالحا ليدخل فيه ويحكم به فيه؛ ويبني عليه رجحان العارض على حكم الجناح لأن في ذلك سدا لذريعة الوقوع في مفسدة واقعة أو متوقعة، مجلوبة بذلك العارض. كما أنه يبنى عليه رجحان الحكم المباح على الحكم العارض - أيضًا - بناء على أن في ذلك سدا لذريعة الوقوع في إثبات الحرج الذي رفعه الشارع في المباح، لأنَّهُ مظنته. إذ عوارض المباح كثيرة فإذا اعتبرت فربما ضاق المسلك وتعذر المخرج" فيصار إلى القسم الذي دخول هذه القاعدة فيه ثابت "بالضرورة" لجريان حكمها فيه، كما تقدم ذكره، إلا أنها لا تفيد فيها رجحان أي من المتعارضين لصلاحية بناء رجحان أي منهما عليها إلا أن المباح يرجح من جهة أخرى وهو أنه ثابت بأصل الإذن (١) هذا ما ظهر لي أنه المقصود هنا وأنه ينبغي تقرير الكلام عليه.
"ومنه" يعني وفيه أي هذا القسم "أيضًا" يجري بناء حكم على "منشأ الخلاف" الواقع بين أهل العلم "في" قاعدة "تعارض الغالب" في واقع شيء ما "والأصل" فيه، إذا اختلفوا في أي منهما - الأصل الغالب - الراجح المقدم على الآخَر في بناء الحكم الفقهي ومن أمثلة ذلك سؤر ما عادته استعمال النجاسة إذا لم تر في أفواهها، ولم يعسر الاحتراز منها كالطير، والسباع، والدجاج والإوز المخلاة هل ينجس ماء كان أو طعاما، فيراقان حملا على الغالب أم لا تغليبا للأصل؟ ذهب بعضهم - كابن رشد - إلى تقديم الأصل، فيحمل على الطهارة. وذهب آخرون منهم إلى تقديم الغالب. والمشهور في مذهب مالك: تغليب الغالب في الماء، والأصل في الطعام لاستجازة طرح الماء. وهذا الأصل - القاعدة - هو الذي "اقتفى" أي اتبع، العمل به في بناء الأحكام في هذا القسم فمن غلب الأصل ورجحه، ذهب إلى ترجيح الإباحة وإلغاء العارض. ومن غلب العارض ورجحه ذهب إلى إلغاء الأصل - الإباحة - والعمل بمقتضاه. وعبارة