" فـ" منهم "داخل" في ذلك القصد "و" - الواو واو الحال - أي حالة كونه "يظن" أن "السببا" الألف للإطلاق - الذي توسل به لذلك "فاعل" بذاته ومنشئ "ما عنه" من مسبب يترتب و"يرى" أي يعلم، أو يبصر، ومن كان على هذا المعتقد فإنه قد خرج عن سبيل المومنين الموحدين "فذا" أي هذا المعتقد "يضاهي" يشبه "الشرك" الذي عليه عباد الأوثان، وقد يكون منهم "والقصد له" أي للمسبب مع هذا المعتقد "قصد لما" أي لأمر حكم "التشريع" في هذا الدين ومقتضاه "قد أهمله" بل قد حرمه، إذ هو شرك، والعياذ بالله. والسبب غير فاعل بنفسه و {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[الرعد: ١٦] {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (٩٦)} [الصافات: ٩٦] والأدلة في هذا الباب كثيرة، وقطعيته في هذا الشأن. هذا الحال أهل الرتبة الأولى.
ثم ذكر حال أهل الرتبة الثانية، فقال:"و" منهم "داخل" في ذلك "لـ" أجل "أن يكون السبب يوجد" ويحصل "عادة به" أي بواسطته "المسبب" ومحصوله طلب المسبب عن السبب لا باعتقاد الاستقلال، بل من جهة كونه موضوعا على أنه سبب لمسبب، فالسبب لابد أن يكون سببا لمسبب؛ لأنَّهُ معقوله، وإلا لم يكن سببا، فالالتفات إلى المسبب من هذا الوجه ليس بخارج عن مقتضى عادة الله في خلقه، ولا هو مناف لكون السبب واقعا بقدرة الله تعالى؛ فإن قدرة الله تعالى تظهر عند وجود السبب وعند عدمه، فلا ينفي وجود السبب كونه خالقًا للمسبب، لكن هنا قد يغلب الالتفات إليه حتَّى يكون فقد المسبب مؤثرا ومنكرا، وذلك لأن العادة غلبت على النظر في السبب بحكم كونه سببا ولم ينظر إلى كونه موضوعا بالجعل لا مقتضيا بنفسه.
"وهو" يعني وهذا الضرب من تلك الأحوال "هو الذي قد مر في التقرير" الذي أورد في المسألة السابقة - المسألة الخامسة - حيث الحديث عن حكم القصد إلى المسببات بفعل الأسباب "وحاله" أي حال هذا الضرب هو الذي "يليق بالجمهور" لأنَّهُ