للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٩٨ - فَلَا يَكُونُ مِثْلَ ذَا بِحَالِ … وَقَصْدُهُ تَكُلُّفُ الْمُحَالِ

٤٩٩ - بِمَنْعِهِ مَا لَا يُطِيقُ مَنْعَهُ … وَرَفْعِهِ مَا لَمْ يُكَلَّفْ رَفْعَهُ

٥٠٠ - وَمَقْصِدُ الشَّارعِ فِي الْمُسَبَّبِ … وُقُوعُهُ عِنْدَ وُقُوعِ السَّبَبِ

وبذلك "فلا يكون مثل ذا" القصد إلا عبثا فهو لن "يقع بـ" أي حال من الأحوال "وقصده" هذا إنما هو من باب "تكلف" تحصيل "المحال" وكسبه، وذلك "بـ" سبب "منعه" بسبب تكلفه منع "ما لا يطيق منعه" ولا يقدر عليه "و" بسبب "رفعه" أي بسبب تكلفه رفع "ما لم يكلف" ولم يحمّل "رفعه" وكل ذلك يدل على أنه عابث، فحكم الشرع ماض في ذلك على كل حال، فمن عقد نكاحا على ما وضع له في الشرع، أو بيعا أو شيئا من العقود ثم قصد أن لا يستبيح بذلك العقد ما عقد عليه فقد ضاع قصده عبثا، ووقع المسبب الذي أوقع سببه. وكذلك إذا أوقع طلاقا أو عتقا قاصدا به مقتضاه في الشرع، ثم قصد أن لا يكون مقتضى ذلك، فهو قصد باطل. ومثله في العبادات إذا صلى أو صام أو حج كما امر، ثم قصد في نفسه أن ما اوقع من العبادة لا يصح له أو لا ينعقد قربة وما أشبه ذلك، فهو لغو، وهكذا الأمر في الأسباب الممنوعة. وفيه جاء {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا} [المائدة: ٨٧] الآية. ومن هنا كان تحريم ما أحل الله عبثا، من المأكول والمشروب، والملبوس، والنكاح وهو غير ناكح في الحال ولا قاصد للتعليق في خاص - بخلاف العام - وما أشبه ذلك، فجميع ذلك لغو؛ لأن ما تولى الله حليته بغير سبب من المكلف ظاهر مثل ما تعاطى المكلف السبب فيه. ومثله قوله عليه الصلاة والسلام: "إنما الولاء لمن أعتق" وقوله: "من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط" الحديث (١).

وكما كان هذا عابثا من جهة تكلفه تحصيل ما لا يطاق له فإنه - أيضا - مخالف لقصد الشارع في المسبب، وهو حصوله عند وجود سببه.

"ومقصد الشارع في" شأن المسبب هو "وقوعه" وحدوثه "عند وقوع" وحدوث "السبب".


(١) الموافقات ١/ ١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>