للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٣٥ - وَالْوَاجِبُ الْتِمَاسُ أَسْبَابٍ أُخَرْ … تُنَاسِبُ الْحُكْمَ الذِي بَعْدُ ظَهَرْ

٥٣٦ - كَالْأمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالْحِهَادِ … وَمَا مِنَ النِّكَاحِ ذُو فَسَادِ

" و" إذا تقرر هذا وهو أن المفاسد الناشئة عن الأسباب المشروعة ليست بناشئة عنها، وإنما هي ناشئة عن أسباب عادية عرضت في سبيل تحصيل مسببات تلك الأسباب المشروعة، أو عن أسباب تبعية حدثت وأن المصالح الناشئة عن الأسباب الممنوعة يقال فيها مثل ذلك، فإنه من "الواجب التماس" والبحث عن "أسباب أخر تناسب الحكم الذي بعد" ما تقرر السبب الشرعي في ذلك المقام و "ظهر" وهو مخالف لمقتضاه.

وذلك "كالأمر بالمعروف" فإنه مشروع لأنه سبب لإقامة الدين وإظهار شعائر الإسلام وإخماد الباطل، والشارع لم يقصد به إتلاف نفس ولا مالك، وإنما هو أمر يتبع المشروع لرفع الحق وإخماد الباطل "و" كـ "الجهاد" فإنه مشروع لإعلاء كلمة الله، والشارع لم يقصد به إتلاف النفوس، لكن يتبعه في الطريق من جهة نصب الإنسان نفسه في محل يقتضي تنازع الفريقين وشهر السلاح وتناول القتال - هذا في الأسباب المشروعة - "و" أما الأسباب الممنوعة فمثالها "ما من النكاح ذو فساد" وبطلان، فإنه قد تقرر أنه قد يترتب عنه إلحاق الولد، وثبوت الميراث، وذلك ليس من جهته وإنما من جهة أسباب أخرى، كمراعاة الخلاف الواقع في حكم ذلك النكاح. ومثل النكاح في ذلك البيع الفاسد، فإنه قد يترتب عنه مصالح ومنافع، وذلك ليس من جهة كونها فاسدة، وإنما من جهة أن لليد القابضة هنا حكم الضمان شرعا فصار القابض كالمالك للسلعة، بسبب الضمان لا بسبب العقد. فإذا فاتت عينها تعين المثل أو القيمة وإن بقيت على غير تغير ولا وجه من وجوه الفوت، فالواجب ما يقتضيه النهي من الفساد. فإذا حصل فيها تغير أو نحوه مما ليس بمفيت للعين، تواردت أنظار المجتهدين: هل يكون ذلك في حكم الفوت جملة بسبب التغير أم لا؟ فبقي حكم المطالبة بالفسخ. إلا أن المطالبة بالفسخ حملا على صاحب السلعة إذا ردت عليه متغيرة مثلا؛ كما أن فيها حملا على المشتري، حيث أعطى ثمنا ولم يحصل له ما تعنى فيه من وجوه التصرفات التي حصلت في المبيع. فكان العدل النظر فيما بين هذين؛ فاعتبر في الفوت حوالة الأسواق، والتغير الذي لم يفت العين، وانتقال الملك، وما أشبه ذلك من الوجوه المذكورة في كتب الفقهاء. وحاصلها أن عدم الفسخ، وتسليط المشتري على الانتفاع، ليس سببه العقد المنهي عنه؛ بل الطوارئ المترتبة بعده (١).


(١) الموافقات ١/ ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>