بالغضب على الحال فيكون المعنى: ما يتبع حكم ذلك السبب حال كونه مصلحة تقع بالضمن لا بالقصد الشرعي ولا بوضعه، وذلك كالوارث يقتل موروثه ليحصل له الميراث، والموصى له يقتل الموصي ليحصل له الموصى به، والغاصب يقصد ملك المغصوب فيغره ليضمن قيمته، ويتملكه، وأشباه ذلك "فذا" أي فهذا التسبب باطل لأنه "تسبب بغير سبب"، وبذلك فهو تسبب ملغى "إذ ليس" بأي حال من الأحوال "لـ" لتسبب "المشروع" المعتبر شرعا "بالمنتسب" وإنما هو في الحقيقة تسبب غير مشروع. لأن الشارع لم يمنع تلك الأشياء في خطاب التكليف ليحصل بها في خطاب الوضع مصلحة. "لاكنه" وإن كان كذلك واقتضى حاله هذا الحكم، فإنه لم تنغلق جميع منافذ النظر فيه بل هو "بعد" أي بعد ذلك كله "مجال للنظر" وإنما كان كذلك لأنه قد تعارضت فيه السببية والقصد، فهل يعتبر في ذلك التسبب المخصوص كونه مناقضا في القصد لقصد الشارع عينا، حتى لا يترتب عليه ما قصده المتسبب. فتنشأ من هنا قاعدة "المعاملة بنقيض المقصود"، ويطلق الحكم باعتبارها إذا تعين ذلك القصد المفروض؟ وهو مقتضى الفقه في حديث المنع من جمع المفترق وتفريق المجتمع خشية الصدقة؛ وكذلك ميراث المبتوتة في المرض، أو تأبيد التحريم على من نكح في العدة. إلى كثير من هذا. أو يعتبر جعل الشارع ذلك سببا للمصلحة المترتبة، ولا يؤثر في ذلك قصد القاصد، وبذلك يستوي الحكم هنا مع الحكم الذي تقرر في الضرب الأول وهو الجواز، والصحة.
وبين أهل العلم في المرجح والذي يجب العمل به من الاعتبارين خلاف، وعلى هذا الخلاف بني الخلاف في الحكم الذي ينبغى المصير إليه في تلك الجزئيات وما شابهها فلذلك كان السبب "ملغى لقوم" أي عند قوم من أهل العلم "ولقوم" أي عند قوم آخرين منهم "معتبر" ومؤثر يبني عليه حكمه.
"فمن رأى" من هؤلاء العلماء "القصد بهذا الواقع" المذكور والحال الذي عليه قصدا "مناقضا معناه" أي حكمه ومقتضاه "قصد الشارع" بعينه في هذا الموضع