الميم - ظرف ميمي بمعنى محل المعاد - أي الرجوع أو زمنه - والمراد به - هنا - الآخرة وتلك الأحوال المختلفة أربعة أقسام - كما تقدم ذكره - وقد أوردها وأحكامها المصنف مبتدئا بأولها وحكمه فقال "فما" من الأفعال "يرى" أي يعلم أنه "عن غير قصد قد وقع" كفعل النائم والغافل، "فـ" إنه ساقط الاعتبار بالنسبة لشأن الآخرة إذ "النيل" والإدراك "للثواب" والأجر "ها هنا" في القسم "ارتفع" لأن ما كان من هذا الضرب من الأفعال لا يتعلق به خطاب اقتضاء، ولا تخيير، فليس فيه ثواب، ولا عقاب، لأن الأفعال في الآخرة إنما يترتب على الأعمال الداخلة تحت التكليف. فما لا يتعلق به خطاب تكليف لا تترتب عليه ثمرته.
"و" أما القسم الثاني وهو "الفعل بـ" أي مع "القصد" به "لنيل" وإدراك "الغرض" والحظ النفسي "مجردا" من أي استشعار لجهة الحكم الشرعي في ذلك الفعل وقصده منه فإنه "لمثل ذاك" الحكم المتقدم في القسم السابق "يقتضي" ويوجب، فإنه لا ثواب يترتب عنه "وإن" كان "به التكليف" الشرعي "قد تعلقا" كإطعام الجائع، وإكرام الضيف "أوكان" أمرا "واجبا عليه" شرعا "مطلقا" سواء كان حقا لله تعالى، أو كان حقا لخلقه كأداء الديون، ورد الودائع، والأمانات وما أشبه ذلك، فحكم ذلك كله البطلان - كما تقدم ذكره - "وتحت ذا" الحكم وهو عدم ترتب الأجر "يدخل" ترك "ما عنه نهى" شرعا، إلا أنه لم يترك امتثالا للنهي الشرعي عنه، "و" إنما "صد حكم الطبع" والمزاج النفسي "عن أخذ به" وفعله، لأن الأعمال بالنيات، وهذا أصل متفق عليه في الجملة. "ومثله" في هذا الحكم - أيضا - وهو عدم ترتب الأجر القسم الثالث وهو "الفعل" الذي وقع "مع استشعار" من فاعله لـ "توافق" بين فعله ذاك وما أمر به الشرع، ولكن لم يكن التوافق عن اختيار وقصد منه إليه، وإنما حصل ذلك له "بحكم الاضطرار" والحاجة. مثال ذلك: القاصد لنيل لذته من المرأة الفلانية ولما