وغير ذلك مما جرى فيه التوافق والاتحاد في أبيات هاتين المنظومتين مما يدل على أن ناظمهما واحد، إذ من الاحتمال البعيد - إن لم يكن من المحال - بمقتضى هذا التوافق والاتحاد غير هذا.
ثانيها: الشبه في الأسلوب اللغوي وطريقة بناء الكلام بين هاتين المنظومتين، وهذا باد في مواضع منها: وضع النكرة موضع المعرفة، وهذا سار هو عليه في كلتيهما. ومن ذلك قوله في هذه المنظومة "نيل المنى":
سواء القصد إلى أن يقعا … مسبب وعدم القصد معا
وقوله فيها - أيضا -:
لذاك إن يبد بها بعض خلل … ينظر إلى تسبب كيف حصل
وقوله فيها - كذلك -:
وضع الدليل القصد منه أن يرى … فعل مكلف عليه قد جرى
وقوله فيها - أيضا -:
بنسبة الخارج بالتزاحم … ففيه يجريان بالتلازم
وقوله في "المرتقى":
كذا لشرطٍ مثلُه والمانع … مثل الوضوء والمحيض المانع
وقوله فيه - أيضا -:
إذ صار من مجال الاجتهاد … لناظر كالحج والجهاد
وغير ذلك من صنف هذا مما أورده في هاتين "المنظومتين" وفي "تحفة الحكام" أيضا، ومن تشوف إلى المزيد من ذلك فليرجع إليها بتأمل.
قد يقال بأن ذلك مما يجري على الألسنة عادة من التصرف في صيغ الألفاظ ووضع بعضها موضع بعض إذا أمن اللبس وبذلك يكون هذا عاديا في التعابير والكلام، فلا حجة فيه على أن هذا أسلوب يعرف به كلام الناظم.